ثم قال المؤلف:(ومن نذر صوم شهر لزمه التتابع، وإن نذر أيامًا معدودةً لم يلزمه) إن (نذر صوم شهر لزمه التتابع)؛ يعني لزمه أن يصوم متتابعًا، ونذر صوم الشهر على قسمين:
القسم الأول: أن ينذر شهرًا بعينه، كربيع الأول مثلًا، فهذا يلزمه التتابع، لماذا؟
طلبة: لأنه عين.
الشيخ: نعم؛ لأنه عيَّن، لضرورة التعيين، لما عيَّن الشهر، ما يمكن أن يصومه إلا متتابعًا.
القسم الثاني: أن ينذر شهرًا مطلقًا، فيقول: لله عليَّ نذر أن أصوم شهرًا، فالمؤلف يرى أنه يلزمه التتابع، وذهب بعض العلماء إلى أنه لا يلزمه التتابع، وهذه المسألة فيما إذا لم يكن له نية، أما إن كان له نية فعلى ما نوى، أو يكون له شرط، فإن كان له شرط، فعلى ما شرط، يعني لو قال: أنا من نيتي أن أصوم شهرًا متتابعًا، قلنا: يلزمك التتابع، أو صرح بالشرط، فقال: لله عليَّ نذر أن أصوم شهرًا متتابعًا، يلزمه التتابع.
الثالث: إذا قال أن أصوم شهرًا فقط، فهل يلزمه أو لا يلزمه؟ فيه خلاف، المذهب أنه لا يلزمه، والقول الثاني أنه يلزمه، والصحيح أنه لا يلزمه؛ صحيح المذهب أنه لا يلزمه، ودليل ذلك أنه لو كان الشهر عند الإطلاق يستلزم التتابع لكان اشتراط التتابع في قوله تعالى:{شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} أيش؟
طالب: لغوًا.
الشيخ: لغوًا، لا حاجة إليه، فلما اشترط الله التتابع في الشهرين علمنا بأن الشهر عند الإطلاق أيش؟ لا يستلزم التتابع، وهذا هو الصحيح، فإذا نذر قال: إن شفى الله مريضي فلله عليَّ نذر أن أصوم شهرًا، وشفى الله مريضه، فإننا نقول له: صُم شهرًا، فإذا سألنا: هل أتابع الصوم؟ قلنا: لا، لا يلزمك إلا إن كنت نويت أو.