الشيخ: كحكم القاضي، مُلزمًا، ولكنه إذا لم يُحكَّم، ولم يُنصب من قِبل ولي الأمر -أعني المفتي- فإنه مُبَيِّن لا ملزم، هذا هو الفرق بين المفتي والقاضي.
القضاء يقول المؤلف: إنه (فرض كفاية)، أما كونه فرضًا فلأن الله -سبحانه وتعالى- أمر به، فقال:{يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ}[ص: ٢٦]، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[النساء: ٥٨]، فأمرنا إذا حكمنا أن نحكم بالعدل، وأمر نبيه داود أن يحكم بين الناس، واضح؟ هذا يدل على أنه فرض، وأما كونه فرض كفاية؛ فلأن المقصود به الفعل دون الفاعل، وهذا قد مر عليكم، أظن في النظم الذي وزعناه عليكم في القواعد، أنه إذا كان المقصود الفعل فهو فرض كفاية، وإن كان المقصود الفاعل فهو فرض عين، أو سُنَّة كفاية وسُنَّة عين، حسب الأمر.
فنقول: كونه فرض كفاية؛ لأن المقصود إيجاد قاضٍ يحكم بين الناس، وليس المقصود أن كل واحد من الناس يكون قاضيًا، وإلا كان -ما شاء الله- لو كلنا، لو فرض عين كم نصير هنا؟ كان كل الناس قضاة، كل الناس يذهبون كل صباح إلى المحكمة، ليش؟ ليقضوا بين الناس، لكن بين مَنْ؟ وهو فرض عين.
على كل حال هو فرض كفاية، أما كونه فرضًا فعرفتم دليله، وأما كونه كفائيًّا؟
طلبة: لأن المقصود به الفعل.
الشيخ: فلأن المقصود به الفعل، أن يوجد الحكم بين الناس، بقطع النظر عن عين الفاعل.
قال المؤلف:(يلزم الإمام) انتقل المؤلف إلى .. إذا كان فرض كفاية، فإلى من يُوجه هذا الفرض؟ يوجه إلى طائفتين: إلى الإمام، وإلى المأمور؛ يعني إلى الإمام الذي هو الآمر، وإلى المأمور الذي هو الْمُوَلَّى، فإذا قال الإمام لشخص: كن قاضيًا في هذا البلد، صار في حق هذا الشخص فرض كفاية، كما سيأتي.