وفي تقديم القوة على الأمانة دليل على أنها أهم من الأمانة؛ لأنه كم من إنسان أمين ولا يُخشى منه الخيانة أبدًا، لكنه ضعيف، ما ينتج ولا يُثمر، وكم من إنسان قوي في أداء عمله، لكنه ضعيف في أمانته؛ فالثاني أحسن لإقامة العمل، ولهذا تجد كثيرًا من الناس الذين لديهم قوة وحزم وتصرف، تجدهم ينتجون من الأعمال أكثر بكثير من قوم ضعفاء وعندهم أمانة، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لأبي ذر:«إِنَّكَ رَجُلٌ ضَعِيفٌ، فَلَا تَتَوَلَّ إِمَارَةً، وَلَا مَالَ يَتِيمٍ»(٧). أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
فالإنسان لا بد أن يكون قويًّا، وأن يكون أمينًا، ولهذا بدأ المؤلف هنا، بدأ بماذا؟ بالعلم؛ لأن به القوة على القضاء، ثم ثنَّى بالورع الذي هو الأمانة.