يقول المؤلف رحمه الله:(ويأمره بتقوى الله)، هل نقول: يأمرَه أو نقول: يأمرُه بالضم؟ نقول:(يأمره) على الاستئناف؛ لأنه لا يجب عليه أن يأمره، ولكنه ينبغي له أن يأمره بتقوى الله، يأمر من؟ القاضي، بتقوى الله عز وجل؛ لأن تقوى الله وصية الله سبحانه وتعالى للأولين والآخرين:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}[النساء: ١٣١]؛ ولأن في تقوى القاضي لله عز وجل تيسيرًا لأمره، وتسهيلًا لمهمته؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}[الطلاق: ٤]؛ ولأن في تقوى القاضي لله -عز وجل- سببًا لمعرفة الحق، ومعرفة المحق لقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الأنفال: ٢٩]، هذا صواب الآية، والقاضي محتاج إلى ذلك؛ ولأن في تقوى القاضي لله -عز وجل- سببًا لأن يجعل الله له من كل هم فرجًا، قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: ٢، ٣] فمن ثم قلنا: إنه ينبغي للإمام أن يكتب في تصدير التولية، أو أن يصدر وثيقة التولية بماذا؟ بالأمر بتقوى الله عز وجل.
كذلك أيضًا يأمره: بـ (أن يتحرى العدل ويجتهد في إقامته)، تحرى العدل من تقوى الله عز وجل، لكنه عطفها على التقوى من باب عطف الخاص على العام؛ لأهمية العدل في باب الحكومة؛ لقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[النساء: ٥٨].
وإذا تحرى العدل، قال:(ويجتهد في إقامته)؛ لأنه ليس كل من تحرى العدل وعرف العدل يقيم العدل، أليس كذلك؟