وليس هناك دليل من الكتاب ولا من السنة يمنع أن يكون الرقيق قاضيًا؛ ولهذا القول الراجح أن الرقيق يصح أن يكون قاضيًا إذا توافرت فيه شروط القضاء، وهي القوة والأمانة، فإذا كان عنده علم وعنده أمانة وصدق، فما المانع من أن يكون قاضيًا؟
أما التعليل بأنه مشغول بخدمة سيده، فلأننا نقول: إذا أذن سيده أن يكون قاضيًا فأين الشغل؟ نعم، لو أبى سيده أن يكون قاضيًا فله الحق، وحينئذٍ يمتنع أن يُولَّى الرقيق، لا من جهة أنه غير صالح، ولكن من جهة.
طلبة: مشغول بسيده.
الشيخ: أنه مملوك لغيره.
إذن هذا الشرط الصحيح أنه ليس بشرط، وأن الرق مانعٌ لكونه مشغولًا بخدمة سيده فقط، وأما أنه يرى نفسه قاصرًا عن غيره، وما أشبه ذلك، فهذا تعليل، لكن ليس مطردًا، فإن من الأرقاء من إذا آتاه الله العلم عرف مكانته بين الناس، وصار مفتيًا ومعلمًا ونافعًا لعباد الله.
الشرط الخامس: أن يكون (مسلمًا)، وضده.
طلبة: الكافر.
الشيخ: الكافر، سواءٌ كان من أهل الكتاب أم من غير أهل الكتاب، فلا يصح أن يُولَّى غير المسلم القضاء؛ لأن غير المسلم إذا تولى القضاء فبأي حكم يحكم؟ بغير ما أنزل الله، والله -عز وجل- أمر بأن نحكم بين الناس بما أنزل الله عز وجل؛ وهو الحق.
وظاهر كلام المؤلف ولو على أمة كافرة، فمثلًا إذا كان أهل الذمة تحت ولاية المسلمين فإنه لا يجوز لولي الأمر أن ينصب فيهم قاضيًا منهم، بل ينصب قاضيًا من المسلمين، أما إن تحاكموا هم إلى واحد منهم، ونصبوا حكمًا بينهم فإننا لا نتعرض لهم، لكن كوننا نُولِّي عليهم قاضيًا باسم الخليفة -خليفة المسلمين- هذا لا يجوز.
يشترط أن يكون (عدلًا)، وضده؟
طالب: الفاسق.
الشيخ: الفاسق، فمن هو الفاسق؟ الفاسق من أصر على صغيرة، أو فعل كبيرة، ولم يتب منها، فإذا وجدنا شخصًا يحلق لحيته، لكنه عالم وقوي؛ فإننا لا نوليه القضاء، لماذا؟