ولكنْ يجب أن نعلم أن هذا الشرط يُطَبَّق أو يُعْمَل به بحسب الإمكان، فإذا لم نجد إلَّا حاكمًا فاسقًا فإننا نوليه، ولكن نختار أخفَّ الفاسقَيْن فِسْقًا؛ لقول الله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، وإلَّا لو نظرنا في مجتمعنا اليوم لم نجد أحدًا يَسْلَم من خَصْلة يفسق بها إلَّا من شاء الله؛ الغيبة فسق، وموجودة بكثرة، التغيب عن العمل، والإصرار على ذلك، وكونه لا يأتي إلَّا بعد الدوام بساعة، ويخرج قبل الدوام بساعة مثلًا، الإصرار على هذا فِسْق؛ لأنه ضد الأمانة، خيانةٌ وأكْلٌ للمال بالباطل؛ لأن كل راتب تأكله في غير عمل فهو من أكل المال بالباطل.
لو نظرنا أيضًا إلى مجتمعنا لوجدنا كثيرًا من الناس يتهاون بإسبال الثوب، ولا يهمه إذا أسبل.
نجد أيضًا كثيرًا من الناس يتهاون بالنَّيْل من لحيته؛ إما حَلْقًا أو تقصيرًا، فإذا كنا لا نجد في الناس من يتصف بصفة العدالة، فإننا نُوَلِّي أخف الفاسِقَيْن فِسْقًا.
يقول:(عَدْلًا سَمِيعًا)، يُشتَرط أن يكون سميعًا أو أن يكون قوي السمع؟
طلبة: سميعًا.
الشيخ: سميعًا، ضده الأصمُّ اللي ما يسمع أبدًا؛ يعني: لو وقع عند أُذُنِه أقوى صوت في الدنيا ما سمعه، هذا ما يصح أن يكون قاضيًا، لماذا؟ قالوا: لأنه لا يسمع كلام الخصمَيْن، أو لا؟ الخصمان لو يتكلمان أكبر كلام أو أشد صوت بأشدِّ صوت ما سَمِع، وظاهر كلامهم أنه لا يصح أن يكون قاضيًا ولو أمكن إيصال كلام الخصمين إليه عن طريق الكتابة.
طالب: أو الإشارة.
الشيخ: أو الإشارة؛ لأني أدركتُ رجلًا كان لا يسمع أبدًا؛ لو تَثَوَّر البُنْدُق جَنْب أذنه ما سمع، لكنه يكتب، ويعرف الإشارة معرفة عظيمة، وكان معه لوح حَجَر، ما أدري تعرفون اللوح الحجر؟