ومثله أيضًا لو كان في شدَّة هَمٍّ أمرٍ في أهله؛ كما لو كان عنده مريض مرضًا مُدْنِفًا، ما له فكر أنه يبقى يقضي للناس، أو كان مشغولًا في أمر خارج؛ مثل أن سمع انتصار أحد مِن الكفار على أحد من المسلمين، فانشغل فكره بذلك، فحينئذٍ يَنتظر حتى يزول ذلك الهم.
المهم صار الهمُّ -سواء كان من الخارج أو في أهله أو في نفسه- فإنه لا يتعرض للقضاء في هذه الحال.
(أَوْ فِي شِدَّةِ مَلَل) كيف مَلَل؟ إي نعم، مَلَل، تعبان، مِن الساعة الثامنة صباحًا وهو يقضي بين ها الناس، وصابر على أذاهم وأصواتهم وصخبهم ولغبهم، لمَّا جاءت الساعة الثانية إلَّا ربع جاء الخصمان، قال: يا جماعة، أنا الحين تعبت، مال، قالوا: ولو، باقٍ على الوقت ربع ساعة، لازم تجلس، له أن يعتذر ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: له يعتذر، بل يجب أن يعتذر؛ لأن الإنسان بشر، بينما يأتي القاضي في بعض الأيام من أول الدوام إلى آخره ما جاءه أحد.
فالمهم أنه إذا كان في شدة ملل فإنه يحرُم عليه أن يقضي بين اثنين، والعلَّة هي العلَّة في مسألة القضاء.
الشيخ: إي نعم، يعني مثلما يقول الناس: ميِّت حِيلَه، كسلان، وفيه نوم، وينعس، وكل شيء، والخصوم، كل خصم فهو أعمى أصَّم، لكنه أَبْكَم ولَّا ينطق؟ ينطق، الخصم أعمى أصم، لكن نُطْقه لسانه عن عشرة، قالوا له: كيف يا أخي؟ كيف أنت عندك كسل؟ خليك نشيط، قال: واللهِ أنا كسلان، أنا البارحة ما نمت إلَّا الساعة ثلاث قبل الفجر، بساعة إلَّا عشر، ما أستطيع، لو أرغموه على أن يقضي ويش نقول؟ لا يجوز؛ لأن هذا حق لله.
لو قالوا: إحنا راضين بكسلك، بس احكم باللي تبغي، ولو هو على خطأ، يقول: لا، ما يجوز.