للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المؤلف: (أَوْ حَاقِنٌ) يعني: لا يقضي وهو حاقن، الحاقن: المحصور بالبول، أو حاقب: المحصور بالغائط، لا يقضينَّ بين اثنين في هذه الحال، لماذا؟ لأن هذه الحال تشبه حال الغضب في عدم تصور القضية وانطباق الحكم الشرعي عليها، إنسان حصران مَرَّة، يجيئه الخصمان يتخاصمون عنده، الواجب عليه أن يقول لهما: انصرفا، أو امكثا حتى أقضي الحاجة، أما أن يحاول القضاء بينهما في هذه الحال فحرام عليه.

قال المؤلف: (أَوْ فِي شِدَّةِ جُوعٍ) أيضًا يَحرُم القضاء عليه في شدة الجوع، حتى وإنْ كان سببه الصيام، لو جاءا يتحاكمان إليه في آخر النهار وهو جائع جوعًا شديدًا، نقول: لا تحكم بينهما، ولا تقضِ بينهما.

إذا صرفهما هل يستفيد من ذلك بأنْ يأكل؟

طلبة: لا.

الشيخ: لا يستفيد؛ لأنه ما آكل إلَّا إذا غربت الشمس، لكنه يستفيد ألَّا يخطئ في الحُكْم، بخلاف الإنسان المصلي إذا كان شديد الجوع وهو صائم، نقول: لا تصلِّ حتى تُفْطِر وتأكل، لا؛ لأن الصلاة يفوت وقتها، أما الحُكْم بين اثنين فإنه لا يفوت وقته.

كذلك: (أَوْ في شِدَّة عَطَشٍ)، عطشان جدًّا، نقول: لا تقضِ بين اثنين، لماذا؟ لأن ذهنه مُشوش، عطشان، ما هو عطش بس يشتهي الماء، عطش شديد، نقول: لا تقضِ، إلى متى؟ إلى أن يشرب، ثم يقضي بينهما.

كذلك: (أَوْ فِي شِدَّةِ هَمٍّ)، وهذا أمر خفي، في شدة هم الإنسان بشر؛ تعتريه هموم في بعض الأحيان، لأسباب خارجية، أو أسباب أهلية، أو أسباب داخلية في نفسه؛ لأن الإنسان ضعيف وبشر، فإذا كان في شدة همٍّ وجاءه الاثنان ها ذول، قالوا له: نبغيك تقضي بيننا، واللهِ -يا جماعة- أنا الآن فكري مشغول، عندي هموم كثيرة، الخصمان قالوا له: وسِّع صدرك، يتمكن من هذا؟

طلبة: لا.

الشيخ: ما يتمكن؛ لأن هذا أمر يعتري الإنسان غصْبًا عنه لا يريده، فهنا نقول: لا تقضِ بين اثنين وأنت في شدَّة هَم.

<<  <  ج: ص:  >  >>