للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلبة: والتعليل.

الشيخ: والتعليل.

وقول المؤلف: (غَضْبَانُ كَثِيرًا) يفيد أنه إذا كان الغضب يسيرًا في ابتدائه فلا يَحرُم القضاء، وقد قضى النبي صلى الله عليه وسلم وهو غضبان، في قصة الأنصاري مع الزبير بن العوام رضي الله عنه في المَسِيل الذي تنازعا فيه، تنازعا فيه عند النبي صلى الله عليه وسلم في مَسِيل كان يأتي على حائط الزبير قبل حائط الأنصاري، فكان الزبير رضي الله عنه يسقي منه ويَدَع البقية لجاره الأنصاري، فاشتكى الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترافعا إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للزبير: «أَسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْهُ إِلَى جَارِكَ»، (أسْقِ) أمر مطلق يقتضي أنه يسقي زرعه مجرد سَقْي؛ مجرد سَقْي يكفيه، ثم يرسل إلى الجار، فالأنصاري -عفا الله عنه- قال: أنْ كان ابنَ عمتك يا رسول الله؟ شوف أخذته العزة بالاثم، والإنسان بشر، وإلَّا مَنْ يتهم الرسول عليه الصلاة والسلام بمثل هذا الاتهام؟ ! فغضب النبي عليه الصلاة والسلام، غضِب انتقامًا لنفسه ولَّا انتقامًا لله؟

طلبة: انتقامًا لله.

الشيخ: انتقامًا لله؛ لأنه يحكم بأمر الله وشرعه، ما هو بنفسه وهواه، غضِب، ثم قال: «يَا زُبَيْرُ، أَسْقِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى الْجَدْرِ، ثُمَّ أَرْسِلْهُ إِلَى جَارِكَ» (٨)، فاحتفظ النبي صلى الله عليه وسلم للزبير بحقه حين أغضبه الأنصاري، لكنَّ هذا غضبٌ يسير لا يمنع تصور الحُكْم، فلا يمنع تصور القضية، ولا انطباق الحُكْم الشرعي عليها.

(وَيَحْرُمُ الْقَضَاءُ وَهُوَ غَضْبَانُ كَثِيرًا) عرفتم الدليل المفهوم ولَّا لا؟ دليل المنطوق؟ «لَا يَقْضِيَنَّ أَحَدُكُمْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» (٥)، دليل المفهوم قصة الزبير مع الأنصاري رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>