للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنسان جاءه الخصوم وهو توَّه متوضئ، والزمن زمن شتاء بارد، قال لهم: يا جماعة، خلُّوني أتدفَّأ؛ لأن الآن فيه بَرْد عظيم. الخصوم ويش يقولون؟ يقولون: أبدًا، اقعُد اقْضِ بيننا، وإذا قضيت بيننا نسيت البرد، لأنك تبغي تحتمي، فتنسى البرد، لازم. يقول: لا، أذهب وأتدفأ ولَّا ألبس زيادة ثياب وأجيء أقضي بينكم.

(حَرٍّ مُزعِجٍ)، يمكن هذا؟

شوف؛ الحر قال: (مزعج)، والبرد (مؤلم)؛ لأن البرد قارس يقرس البدن، ولهذا يتشنَّج الإنسان أحيانًا، والحر مُزعِج؛ البدن يمتدُّ، ولكنه يُزعج الإنسان، فيه حَرٌّ شديدٌ جدًّا ولا فيه مكيِّف ولا مروحة، والمهَفَّة متكسرة -المروحة اليدوية هذه- ما عنده شيء، تعبان، قالوا: لازم تقضي. ويش يقول لهم؟ يقول: انتظِروا إلى آخِر النهار، انتظِروا أروح أتروَّش وأتنشَّط وأجيء. لأن الحر المزعج لا يجوز معه أيش؟

الطلبة: القضاء.

الشيخ: القضاء.

كل هذه الأحوال التي ذكرها المؤلف مَقِيسةٌ على قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «لَا يَقْضِي الْحَاكِمُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» (١). إذَنْ كُلُّ حالٍ تعتري القاضي تكون حائلًا بينه وبين تصوُّر القضية أو انطباق الأحكام الشرعية عليها فإنه يَحْرُم عليه القضاءُ فيها حتى يزول هذا السبب؛ لأن الحكم يدور مع عِلَّته وجودًا وعدمًا.

طالب: شيخ، أحيانًا المصلحةُ تقتضي أن القاضي يغلب على أحد الخصمين، سواء في لَحْظِه أو لَفْظِه، وذلك كأنْ يكون أحدُ الخصمين شريرًا، أو شديدًا، أو رجلًا ذا بأس؟

الشيخ: أبدًا، لا يجوز، إلَّا إذا خالف في مجلس الحكْم.

الطالب: كيف شيخ؟

الشيخ: إذا خالف في مجلس الحكْم؟

الطالب: نعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>