لو ادعى المدعى عليه اختلال شرط من الشروط، أو وجود شيء من الموانع، فحينئذ تكون دعوى جديدة، والأصل ما هو؟ الأصل الصحة، وأن هذا العقد جارٍ على مقتضى الشرع، وأنه لا مانع، فنطالب المدعي بعد أن نحكم بصحة البيع نطالبه بما يدعيه من انتفاء شرط، أو وجود مانع.
مثال ذلك: ادعى شخص على آخر بأنه باع عليه الأرض الفلانية، وأتى بالشهود، وحكم القاضي بصحة البيع.
على المذهب الحكم غير صحيح، لا بد أن يعرف أن هذا البيع وقع من أهله بشروطه، والصحيح أنه يصح، لكن للمحكوم عليه صاحب الأرض أن يدعي انتفاء شرط من الشروط، أو وجود مانع، فله مثلًا أن يقول: نعم، أنا بعت عليه الأرض، لكن لم يكن قد رآها، ومن شروط صحة البيع في الأرض ونحوها أن يكون قد رأى المبيع، هنا الآن نقول: هذه دعوى جديدة، فما هو الأصل؛ الصحة أو الفساد حتى يقوم دليل الصحة؟
الصحيح -وهو المذهب- أن الأصل الصحة حتى يقوم دليل الفساد، فنقول: البيع تم، والأصل فيه الصحة، ولا يمكن أن يُنْقَض.
كذلك لو ادعى وجود مانع؛ قال: نعم، أنا بعت عليه، لكن بعد أذان الجمعة الثاني، والبيع بعد أذان الجمعة الثاني ممن تلزمه الجمعة لا يصح. فقال: نعم، أنا أقر بالبيع، لكن وجود مانع. نقول: هذه دعوى جديدة، والأصل الصحة وعدم وجود المانع.
المهم أن هذا الشرط الخامس في الدعوى مختلف فيه، فالمذهب أنه لا بد من ذكر الشروط، والصحيح أنه ليس بشرط، وهذا اختيار المُوَفَّق والشارح؛ الموفق صاحب أصل هذا الكتاب وهو أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة رحمه الله من أئمة المذهب، وكذلك الشارح الذي شرح المقنع، شرح أصل هذا الكتاب، اختار الرجلان أنه لا يشترط ذكر الشروط.
وفصَّل بعض العلماء فقال: يشترط في النكاح ذكر الشروط، وفي غيره كالبيع، والإجارة، والرهن، وغيرها لا يشترط.
والصحيح أنه لا فرق، وأن من ادعى عقدًا فأقام بينة حكم له بمقتضى هذه البينة، والأصل الصحة والسلامة.