والشرط الثاني: أن يكون ذا خبرة بباطن حال المُزكَّى، أن يكون ذا خبرة بباطن حاله؛ بحيث نعلم أن بينه وبينه رابطة؛ إما صحبة، وإما جوار، وإما معاملة طويلة، تعرف بها حال المُزكَّى، فلا بد من خبرة.
وهل يُزَكِّي بالاستفاضة؟
الجواب: نعم، له أن يزكي بالاستفاضة، مثل أن يستفيض عند الناس أن هذا الرجل رجل مستقيم الخلق والدين، فيشهد هو بعدالته بناء على الاستفاضة. ولا بد من القول بجواز التزكية بالاستفاضة؛ لأننا الآن نحن نزكي الإمام أحمد بن حنبل، والإمام الشافعي، والإمام أبي حنيفة، والإمام مالكًا، هل نحن عاشرناهم؟
طالب: لا.
الشيخ: لا، ما عاشرناهم، ولا صاحبناهم، ولكن بالاستفاضة، أمر مستفيض، حتى لو ما راجعنا كلام الناس فيهم فإنهم عندنا ثقات عدول؛ بناءً على الاستفاضة.
فصار الآن، يشترط في المزكِّي أن يكون أمينًا، وأن يكون ذا خبرة بباطن حال المُزكَّى، إلا أن يشهد أو إلا أن يزكي بناء على الاستفاضة فيكفي أن يكون هذا الشيء مستفيضًا عند الناس.
ولا بد أيضًا في الجرح من عدلين يشهدان بجرحه.
الجرح نوعان: نوع مُفَسَّر، ونوع مُجمل مبهم.
الجرح المبهم أن يقول: فلان فاسق، فلان غير مقبول الشهادة، وما أشبه ذلك، هذا جرح مبهم.
والجرح المفسر أن يقول: فلان يشرب الخمر، أو فلان يزني، أو فلان يغش الناس، أو فلان يغتاب الناس، هذا جرح مفسر.
الجرح بنوعيه لا يُقْبَل إلا من ثقة، لا بد أن يكون أمينًا، وأن يكون عالمًا بحال المجروح؛ أي: ذا خبرة بحاله، أو شاهدًا بما اشتهر من جرحه، يعني أن الشهادة بالجرح كالشهادة بالتزكية، فلا بد فيها إذن من عدلين.
والخلاف في التزكية كالخلاف في الترجمة؛ لأن كلًا منها لا من الترجمة ..
والتعريفِ والرسالةِ إلا قولُ عَدْلَيْنِ، ويُحْكَمُ على الغائبِ إذا ثَبَتَ عليه الحقُّ وإن ادَّعَى على حاضرٍ في البلدِ غائبٍ عن مَجْلِسِ الحكمِ وأتى ببَيِّنَةٍ لم تُسْمَع الدَّعْوَى ولا البَيِّنَةُ.