فعندنا الآن: الترجمة، والتزكية، والجرح، والتعريف، والرسالة، كم هذه؟ خمسة أشياء، المذهب: حكمها في التعدد حكم الشهادة، والذي مشى عليه المؤلف أنه يكفي فيها رجلان، والذي اختاره شيخ الإسلام أنه يكفي فيها واحد؛ لأن المقصود فيها البيان والتعريف، فهي خبر وليست بشهادة، ولهذا تصح حتى بالكتابة، وعلى القول بأنها شهادة لا بد من المشافهة، يعني معناه أنه لو كتب أحد معروف الخط إلى القاضي بأني أُزَكِّي فلان ابن فلان، كفى عند شيخ الإسلام، وعلى المذهب لا يكفي؛ لأن الشهادة لا بد فيها من المشافَهة.
قال المؤلف:(إلا قول عَدْلَيْن). ويش إعراب (قول عدلين)؟ (إلا قولُ) أو (إلا قولَ)؟
طالب: نائب فاعل.
الشيخ: نائب فاعل، ليش؟
طالب: نائب فاعل لـ (يقبل).
الشيخ: لـ (يقبل)، (ولا يُقْبَلُ) في كذا وكذا وكذا (إلا قولُ عدلين) فهي نائب فاعل، الاستثناء إذن؟
طالب: مُفَرَّغ.
الشيخ: مُفَرَّغ، صح.
وقوله:(عدلين)، العدل في اللغة: الاستقامة، ويطلق على المستقيم نفسه؛ لأنه مصدر، والمصدر يصح أن يُنعَت به، ويوصَف به، كما قال ابن مالك:
وَنَعَتُوا بِمَصْدَرٍ كَثِيرَا
فَالْتَزَمُوا الْإِفْرَادَ وَالتَّذْكِيرَا
وكذلك يُخْبَرُ به مفرَدًا ولو عن جماعة.
وأما المراد بالعدل هنا في الاصطلاح: فهو مَن استقام في دينه ومروءته، هذا العدل: مَن استقام في دينه ومروءته؛ أما في دينه فأن يؤدي الفرائض، وأن يجتنب الكبائر والإصرارَ على الصغائر، ثلاثة.
الأول: يؤدي الفرائض، ثانيًا: يجتنب الكبائر، ثالثًا: يجتنب الإصرار على الصغائر، فلو فعل كبيرة واحدة ولم يَتُب منها لم يكن عدلًا، وإن فعل صغيرة فقط ولم يُصِرَّ فهو عدْل، فإن أصَرَّ فليس بعدل، وإن ترك شيئًا من الفرائض فليس بعدل، الفرائض المؤكَّدة اللازمة، كبِرِّ الوالدين مثلًا، وصلة الأرحام، والفرائض الخمس، الصلوات إذا ترك واحدة وقلنا بأنه لا يكفر، فإنه ليس بعدل.