شوف الآية فيها احتياطٌ:{إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ}، لكن متى؟ {إِنِ ارْتَبْتُمْ} يعني: فإن لم ترتابوا فلا حاجة إلى الحبس، وهذا يدل على أننا قد لا نرتاب في شهادة الكافر، فيكون في هذا تأييد لما أسلفنا من قبل في مسألة ما لو نَقَل الحادث بالصورة.
{تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} أي: من بعد صلاة العصر، والمراد بالحبس: أن نأتي بهما ونوقفهما، {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} يعني: أننا ما شهدنا من أجل شيء من الدنيا أو حظوظ من الدنيا ولو كان أقرب قريب إلينا، {وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إذن لَمِنَ الآثِمِينَ}.
ففي هذه الآية دليل واضح على قبول شهادة غير المسلم في وصيةٍ في سفر لم يحضر غيرهما من المسلمين، هل نحكم بهذا ولَّا لا؟
غصبًا علينا نحكم، غصبًا علينا شرعًا، ويجب أن نرضى بذلك شرعًا ونحكم به؛ لأن الذي قال ذلك هو الله عز وجل، وإذا حصل منا ارتياب نلجأ إلى الإقسام الذي ذكره الله عز وجل. فهذه المسألة مستثناة.
ولكن القضية التي وقعت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كان الشاهدان رجلين يهوديين، فهل يُشْتَرط أن يكون هذا الغير من أهل الكتاب؛ لأنه قال:{مِنْ غَيْرِكُمْ}، أو لا يُشْتَرط؟
إذا نظرنا إلى القرآن الكريم وجدنا أنه لا يُشْتَرط، الدليل {مِنْ غَيْرِكُمْ}، ولم يقل: من أهل الكتاب، مع أن الله عز وجل إذا أراد تخصيص أهل الكتاب بالحكم خصص؛ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[المائدة: ٥]، {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}[المائدة: ٥]، لكن هنا قال:{مِنْ غَيْرِكُمْ}.