الشيخ: يقولون: لأنه إذا لم يعزُها إلى سبب بدون استرعاء فإنه يحتمل أنه يحكي شيئًا قديمًا، إما إقرارًا غير صحيح أو شيئًا من الأمور التي يظنها موجِبَة وليست موجِبَة.
الطالب: وقد يكون قرضه وقد أوفاه.
الشيخ: نعم، قد يكون قرضه وباعه وثمن بيعه قد أوفاه، لكنهم يقولون: ربما أن الشاهد إذا لم يسترعه يظن أن هذا واجبًا عليه وهو ليس بواجب، فإذا عزاها إلى السبب زال الإشكال.
وأظنكم عرفتم الخلاف في هذه المسألة؛ قلنا: فيه قول آخر يقول: ما يحتاج إلى الاسترعاء، وقول ثالث: أنه يكفي استرعاء صاحب الحق دون الشاهد؛ يعني: لو أن صاحب الحق قال لشخص: تعال اسمع شهادة فلان على الحق الذي لي فإنه يجزئ، نحن ذكرنا فيها ثلاثة أقوال.
***
[باب اليمين في الدعاوى]
ثم قال:(باب اليمين في الدعاوي).
(اليمين) اليمين سبق لنا أنها تأكيد الشيء بذكر معظَّم بلفظ مخصوص، هذه اليمين.
اليمين، والحلف، والقَسَم، والإيلاء، وما أشبه ذلك كلها معناها واحد؛ تأكيد الشيء بذكر معظَّمٍ بصيغة مخصوصة هي: والله، وما أشبهها، وما ينوب منابها.
و(الدعاوي) جمع دعوى، والدعوى إضافة الإنسان إلى نفسه شيئًا على غيره، عكس الإقرار؛ لأن الإقرار إضافة الإنسان لغيره شيئًا على نفسه، والشهادة إضافة الإنسان شيئًا لغيره على غيره.
فالدعوى أن يضيف الإنسان شيئًا لنفسه على غيره؛ فيقول: لي على فلان كذا وكذا.
اليمين في الدعاوي؛ المراد بهذا الباب بيان الدعاوي التي يُحلَّف فيها والتي لا يُحلف.
القاعدة العامة أن ما كان من حقوق الآدميين فإنه يحلَّف فيه، وما كان من حقوق الله فإنه لا يحلف فيه. لماذا؟
لأن حقوق الآدميين فيها خَصم وهو الآدمي، فيحتاج إلى التبرئة أو التقوية؛ إلى التبرئة إن كان مدَّعًى عليه وهو ينكر، أو التقوية إن كان مدعيًا ومعه شاهد؛ يحتاج إلى التبرئة أو التقوية باليمين.