والمراد في حدود الله ما يوجب الحد، لا يُحَلَّف؛ فلو قيل لشخص: أنت زنيت؟ قال: ما زنيت. نقول: احلف؟ لا، ما نقول: احلف؛ لأنه لو لم يحلف هل نَحَدُّه؟ لا، لأننا لا نحُدُّه حتى يُقِرَّ ويبقى على إقراره إلى أن يُقَام عليه الحدُّ.
إذن كل ما يوجب الحدود لا نستحلفه.
ما يوجب التعزير؛ إن كان حقًّا لله فلا يُسْتَحْلَف، وإن كان حقًّا لآدمي فربما نستحلِفه؛ حقًّا الله مثل لو قيل له: إنك أنت غازلت امرأة، ومغازلة المرأة يوجب التعزير، ما يوجب الحد، قال: ما غازلت أبدًا، فهذا نحلفه؟ لا نحلفه.
نعم لو ادعت عليه هي أنه فعل ذلك، فربما نحلفه هنا من أجل أنه تعلَّق به حق آدمي.
قال:(ويُستحلَف المنكِر في كلِّ حقٍّ لآدمي).
يستحلف في كل حقٍّ لآدمي، من بيع وشراء وإجارة ووقف ورهن وغير ذلك، كل حقوق الآدميين يستحلف فيها المنكِر؛ دليل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ»(٣)، شوف حتى في الحديث إشارة إلى أن المراد حقوق الآدميين؛ «عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمينِ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ»، وليس هناك مدَّعٍ ومدعًى عليه إلا في حقوق الآدميين.