للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العطية لما كانت بَيْنَ بَيْنَ يَحتمل أنه إنشاء عطية، ويحتمل أنه عطية لأمرٍ سابق، صار فيها الخلاف، والأرجح أنها كالوصية؛ لأنها يحتمل أنه أراد أن يبَرَّه بذلك الشيء.

وقد يقول قائل: كيف ترجحون أنها كالوصية وهو حين الإعطاء غير وارث، فالتهمة منتفية في الواقع، أما الوصية فلا تكون الوصية إلا بعد الموت والتهمة موجودة؟

هذا يجعلنا نتوقف في ترجيح أن تكون العطية كالوصية، وكونها عطاء في مرض الموت يرجِّح أن نجعلها كالوصية، فننظر فيها.

***

ثم قال المؤلف: (وَإِنْ أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ بِنِكَاحٍ وَلَمْ يَدَّعِهِ اثْنَانِ قُبِلَ).

هذه امرأة أقرت بالنكاح لشخص، إنسان أمسكها وقال: هذه زوجتي، فقالت: نعم. هي زوجته، فإنها تكون زوجته، ويقبل إقرارُها؛ لأن النكاح حق على الزوجة، فإذا أقَرَّت به قُبِل إقرارها، والدليل على أنه حق عليها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ} [الأحزاب: ٤٩]، إذن فالنكاح حق على الزوجة، فإذا أقرت به قُبل؛ هذا إذا كان المدعي واحدًا، رجل أمسك بيد امرأة، وقال: هذه زوجتي، وذهب إلى القاضي، وقالت: نعم، إنها زوجته، نقول: بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما في خير، هي زوجته.

وقول المؤلف: (ولم يَدَّعه اثنان) مفهومه أنه إن ادعاه اثنان لم يقبل إقرارها؛ لأن في إقرارها إبطالًا لحق المدعي الثاني، أليس كذلك؟

هذه امرأة أمسكها رجلان، كل واحد منهما يقول: هذه زوجتي، زيد يقول: هذه زوجتي، وعمرو يقول: هذه زوجتي، فذهبوا إلى القاضي، فأقرت بأنها زوجة زيد، يُحْكَم له بها؟ لا، على المذهب لا، لا يقبل إقرارها لزيد، لماذا؟ قال: لأن في ذلك إبطالًا لحق المدعي الثاني.

ومعلوم أن هذا الحكم إذا لم يكن هناك بَيِّنَة، أمَّا إذا وجدت بينة لأحدهما فهي زوجته ..

<<  <  ج: ص:  >  >>