ثانيًا: أن نبينا عليه الصلاة والسلام وقدوتنا وإمامنا كان هو بنفسه يسوِّي الصفوف بيده الكريمة، كأنما يسوي بها القداح (٥)، يمسح الصدور والمناكب، ويقول:«سَوُّوا»، ويمشي من أول الصف إلى آخره.
ولما كثرت الأمة في زمن عمر (٦) وعثمان، (٧) وَكَّلُوا مَن يسوي الصفوف، فإذا أقيمت الصلاة وسوَّاها الوكيل جاء وقال: استوت الصفوف، فيُكَبِّرُون، وهذا يدل على أنهم يعتقدون ذلك واجبًا أو سنة؟
طلبة: واجب.
الشيخ: واجب، ولا شك في الوجوب، كثير من العوام الآن حيث إن الأئمة -سامحهم الله- غفلوا عن هذه المسألة وصاروا يقولون: استووا، كأنك ليش تضرب على الورق وبس، حتى إن بعضهم يقول: استووا، وهو ما يلتفت، حتى سمعت بعض الناس يقول: صلى بي إمام أنا وإياه اثنين، فالتفت قال: استووا، واستووا، ما عندك أحد يجيء، ما هو صحيح هذا.
ولذلك نرى أن الإمام يلتفت ويستقبل الناس بوجهه، ويقول: استووا، كلمة لها معناها، وعلى هذا، إذا كانوا مستوين يحتاج يقول: استووا؟
طلبة: ما يحتاج.
الشيخ: لا، ما يحتاج؛ لأنها ليست كلمة يتعبد الإنسان لله بها، هي كلمة يقصد بها تسوية الصف، فإذا كان الصف مستويًا، كحال اليوم -والحمد لله- بواسطة الخطوط هذه، صارت الصفوف تستوي، ويقل أن تجد أحدًا تقدم أو تأخر، المهم إنك إذا احتجت إلى أن تقول: استووا، فقُلْها لكن بلفظها ومعناها، ما هو مجرد لفظ استووا اعتدلوا.
وكان أول ما فهمت هذا المعنى من شيخنا رحمه الله عبد الرحمن السعدي.
كان أئمتنا في المساجد العادية يقولون: استووا اعتدلوا، ولكنه ما يتكلم حتى لو كان الصف أعوج، لكن شيخنا رحمه الله يقول: تقدموا يمين الصف، تأخروا يمين الصف، وينص على هذا، فاستفدنا بذلك -جزاه الله خيرًا- فائدة كبيرة، أن المسألة ما هي مجرد لفظ.