للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن قول الله تعالى بعد أن ذكر الصيام: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة، فإذا كان المصلي يشق عليه النهوض من السجود إلى القيام رأسًا فالأمر والحمد لله واسع، نقول: استرح ثم قم.

وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس؛ أن من كان محتاجًا إليها فهي مشروعة في حقه، ويجلس كما ورد، ومن لم يكن محتاجًا إليها فلا ينبغي أن يجلس، بل يقوم ناهضًا على صدور قدميه.

فإن قال قائل: إذا كنت مأمومًا وأنا لا أرى استحبابها إلا عند الحاجة، والإمام يرى استحبابها، فهل أقوم قبله أو أتابعه؟

فالجواب: أتابعه؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ»، ولأنني لو كنت سبقته إلى القيام، فنقول: اجلس، وإن لم ترها.

بالعكس لو كان الإمام لا يراها، والمأموم يراها، والإمام ينهض قائمًا بدون تأخير، فهل يُسن للمأموم أن يفعلها؟ لا، لا يسن؛ لأن صلاته الآن ارتبطت بصلاة الإمام.

وقد نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى، على أن الإمام إذا كان لا يجلس لا تجلس.

ولكن إذا قال قائل: هذه جلسة يسيرة، لا تخل بالمتابعة، كما لو أطلت السجود بعده، قلنا: وإطالة السجود بعده أيش؟ غير مشروعة، هذه واحدة.

والثانية: إذا أطلت السجود بعد قيام الإمام فما فعلت إلا أنك أطلت شيئًا مشروعًا لك وهو السجود، أما الجلسة فهي غير مشروعة ما دام الإمام قد نهض، وإذا كان الإمام إذا نهض عن التشهد الأول مع وجوبه وجب على المأموم أن يتابعه، فكيف بشيء مستحب على خلاف فيه؟

طالب: من باب أولى.

الشيخ: نعم. من باب أولى.

قال: (ويصلي الثانية كذلك)، (كذلك) يعني كالأولى، إلا في أشياء.

قال: (ما عدا التحريمة) يعني بذلك تكبيرة الإحرام؛ لأنه لو كبّر للإحرام أيش يكون؟ بطلت الركعة الأولى، ثم إذا أتى بركعة جديدة ثم قام للثالثة بتكبيرة الإحرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>