للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: إلى طبيعة الإنسان، والكراهة التي يراد بها كراهة التنزيه هي التي لا يعاقب من فعلها، مثل كراهة قيل وقال وكثرة السؤال إذا لم يصل إلى درجة التحريم، والكراهة التي منها التحريم وهي الأكثر؛ مثل قوله تعالى حينما ذكر المحرمات قال: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: ٣٨]. يعني حرامًا.

هنا إذا رجعنا إلى اصطلاح الفقهاء نقول: يكره في الصلاة التفاته، إذن الالتفات ليس حرامًا ولكنه مكروه، من تركه صارت صلاته أكمل، ومن فعله لم تبطل صلاته، ولكن يجب أن نعلم أن الالتفات ثلاثة أقسام: التفات بالقلب والتفات بالرأس والتفات بالبدن كله.

أما الالتفات بالقلب فإنه ليس بمكروه إذا غلب على الإنسان كالوساوس التي تحدث للإنسان في صلاته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الشيطان يأتي للإنسان ويقول: اذكر كذا واذكر كذا وهو يصلي (٢) ولم يأمره الرسول صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة.

والثاني: التفات بالرأس، يعني: يلتفت برأسه برقبته هكذا، هذا هو الذي عناه المؤلف أنه مكروه.

والثالث: التفات بكل البدن، فهذا يبطل الصلاة؛ لأنه يكون قد استدبر القبلة أو جعلها عن يمينه أو عن شماله.

فإن قال قائل: ما هو الدليل على كراهة الالتفات بالرأس؟

قلنا: هو أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سئل عن الالتفات في الصلاة فقال: «هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ» (٣) يعني كالسرقة يسرقها الشيطان من صلاة العبد، وهذا يدل على أن أقل أحواله الكراهة.

(ورفع بصره إلى السماء) يعني: يكره أن يرفع بصره إلى السماء في حال الصلاة، وهذا يقع كثيرًا من الناس، إذا قال: سمع الله لمن حمده تجده يقول: سمع الله لمن حمده ويرفع رأسه، هذا مكروه كما قال المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>