الدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِ أَبْصَارِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ»(٤). واشتد قوله في ذلك، ولكن مقتضى هذا الاستدلال أن يكون رفع البصر إلى السماء حرامًا، وهذا هو الصحيح أن رفع البصر إلى السماء حرام، ولكن هل يبطل الصلاة أو لا يبطل؟
قال ابن حزم: إنه يبطل الصلاة؛ لأنه فعل محرم في نفس الصلاة، فهو كالأكل للصائم، الأكل لما حرم على الصائم بخصوص الصيام صار مفطرًا مفسدًا للصوم، كذلك رفع البصر إلى السماء ليس منهيًّا عنه على سبيل العموم بل هو منهي عنه في حال الصلاة، وإذا كان كذلك فإنه يكون فعلًا منهيًّا عنه في نفس العبادة من أجل العبادة، ومقتضى القواعد أن تبطل الصلاة، ولا شك أن هذا هو القياس والنظر الصحيح، وأن الإنسان إذا رفع بصره إلى السماء وهو يصلي بطلت صلاته.
واحتج هؤلاء أيضًا بأنه إذا رفع بصره إلى السماء فقد خالف قول الله تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة: ١٤٤] لأن هذا ولى وجهه السماء ولم يول وجهه شطر المسجد الحرام، فيكون الدليل بالآية والحديث، وهذا هو الصواب أن من رفع بصره إلى السماء وهو يصلى فإن صلاته تبطل. ثم هو أيضًا فيه سوء أدب مع الله؛ المطلوب منك وأنت بين يدي الله أن تكون ذليلًا خاضعًا رأسك، أما أن ترفع رأسك إلى السماء وربما تكون في الليل وفيه النجوم تحسب النجوم كم عدد النجوم، هذا لا شك أنه يؤدي إلى التلهي عن الصلاة. إذن الصواب قول المؤلف أو خلافه؟
طلبة: خلافه.
الشيخ: خلافه، أن رفع البصر إلى السماء محرم مبطل للصلاة، ولكن لو كان الإنسان جاهلًا فإن صلاته لا تبطل على القاعدة المعروفة: أن فعل المحظور مع الجهل أيش؟ أجيبوا يا جماعة؟