فإن قال قائل: المحافظة على الشيء لا تدل على وجوبه، أليس الرسول صلى الله عليه وسلم يحافظ على قراءة (سبح) و (الغاشية) أو (الجمعة) و (المنافقون) في صلاة الجمعة؟
قلنا: بلى، لكن هذه يمنع القول بالوجوب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ»، ولو قلنا بوجوبهما في صلاة الجمعة لكان: ولا جمعة لِمَنْ لم يقرأ بهذه السور الأربع.
قال رحمه الله تعالى:(وما عدا ذلك سنن أقوال وأفعال لا يُشْرَع السجود لتركه، وإن سجد فلا بأس).
السنن، هل يُشْرَع السجود لتركها؟ وهل يُشْرَع السجود لزيادتها؟ من أمرين.
نقول: أما السجود لتركها فالمؤلف يرى أنه لا يُشْرَع السجود، ولكن لو سجد فلا بأس، لو نسي أن يرفع يديه عند الركوع؟ هذا تَرْك سنة، فعلية ولا قولية؟
طلبة: فعلية.
الشيخ: نعم، لو نسي أن يستفتح قبل الفاتحة، هذا؟
طلبة: قولية.
الشيخ: ترك سنة قولية، هل يُشْرَع له السجود؟
يقول المؤلف: إنه لا يُشْرَع، أما هل يجب أو لا يجب، نقول: لا يجب، لا إشكال في هذا؛ لأن الإنسان لو تَعَمَّد تركه لم تبطل صلاته، لكن هل يُشْرَع ونقول: اسجد؟
المؤلف يقول: إنه غير مشروع، وإن سجد فلا بأس.
وهذا محل إشكال؛ لأنه كيف نقول: إنه غير مشروع، ثم نقول: إن سجد فلا بأس؟
إذ إننا نقول: إذا كان السجود غير مشروع صار زيادة في الصلاة يوجِب إبطالها، فكيف يقال: وإن سجد فلا بأس؟
فالجواب أن يقول: إنما قال هذا؛ لأن من العلماء من يقول: إنه يُشْرَع السجود لتركه، وهذا القول هو الراجح، أنه إذا تركه غير متعمد وكان من عادته أن يفعله ونسي فإنه يسجد له.
أما إذا تعمد الترك فلا يسجد، وإذا لم يكن من عادته أن يفعله فلا يسجد.