لكن من باب الاحتياط أن الإنسان يدع ما فيه ريب لِمَا لا ريب فيه، يتجنَّبه، أما أن نقول: إن هذا حرام، وأن الإنسان يعصي بذلك، ففيه نظر؛ لأن تحريم شيء لم يَرِد من القول على الله بلا علم، والقول على الله بلا علم شديد ليس بالأمر الهين.
الثاني: يقول: (فمَن حلق أو قلَّم ثلاثة فعليه دم)، مَن حلق ثلاثة، أي: ثلاث شعرات، فعليه دم، وثنتين؟
طالب: ما عليه.
الشيخ: ليس عليه دم، لكن عليه إطعام مسكينين، شعرة واحدة؟
طالب: إطعام مسكين.
الشيخ: إطعام مسكين، وعلى هذا فلو غسل الإنسان وجهه ثم سقطت هدبة من هدب العين واحدة عليه؟
طلبة: إطعام مسكين.
الشيخ: إطعام مسكين، من هدب العين واحدة، ومن الحاجب واحدة، ومن اللحية واحدة؟
طلبة: عليه دم.
الشيخ: عليه دم، سبحان الله، هل أحد يمكن أن يقال: إنه ارتكب ما حرم الله في قوله: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة: ١٩٦]؟ لا، أبدًا، والعجب أنهم يقولون: لو قص ثلاث شعرات من رأسه لم يَحِلّ، ثم يجعلون الثلاث شعرات بمنزلة الحلق، فإذا كان الله يقول:{لَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ}[البقرة: ١٩٦] هم يقولون: يرتكب النهيَ مَن قَصَّ ثلاث شعرات، هل يصدق على مَن قص ثلاث شعرات أنه حلق رأسه؟ أبدًا، ما أظن أحدًا يقول بهذا، ومع ذلك يتناقضون، يقولون: لو أن الإنسان تحلَّل بثلاث شعرات عند الحلق أيش؟
طلبة: لا يجزئ.
الشيخ: لا يجزئ، وهذا نوع من التناقض، ولذلك هنا قاعدة مفيدة لطالب العلم، تجد الأقوال الضعيفة دائمًا تتناقض ما تطرد، وهذه من علامات ضعف القول؛ لأن الله يقول في القرآن الكريم:{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}[النساء: ٨٢]، فالحق دائمًا مطرد.