الشيخ: قلنا: يحرُم، فإذن اجتمع سببان أحدهما موجِب للتحريم والثاني موجِب للحِل، ولا يمكن اجتناب الحرام إلا باجتناب الحلال، فاجتناب الحرام أصلًا، واجتناب الحلال؛ لأنه لا يمكن اجتناب الحرام إلا باجتناب الحلال، ولهذا قال العلماء في هذا الضابط: إذا اجتمع مُبِيح وحاظر قُدِّم جانب؟
طلبة: الحظر.
الشيخ: الحظر.
(أو تلف في يده) كإنسان أمسك صيدًا وهو مُحْرِم، فتلف في يده وهو لا يريد أن يذبحه –مثلًا-، لكن انقهر الصيد ومات، مات كمدًا؛ لأن بعض الصيود ما يريد أن يُصَاد أبدًا، فمات، يقول المؤلف:(فعليه جزاؤه).
بل لو فُرِضَ أن الطائر لم يمت من صيده، بل استأنس ثم مرض وتلف فعليه جزاؤه؛ لأنه صاده في حال يحرم عليه صيده، وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُنَفَّر صيد مكة مع أن الإنسان لم يقتله، فهذا من باب أولى أن يهان ويُصَاد.
(عليه جزاؤه) ويأتي إن شاء الله الجزاء.
وقوله رحمه الله:(تلف في يده) يشمل ما إذا أمسكه في حال الإحرام، أو كان عنده من قبل وأبقاه في يده، ولهذا قالوا رحمهم الله: إن الْمُحْرِم إذا أَحْرَم وعنده صيد فإنه وجب عليه رفع يده المشاهِدة، ومعنى ذلك أنه يطلقه، فإن أبقاه فتلف ضمنه.
مثال ذلك: رجل صاد غزالًا قبل أن يُحْرِم، وأحرم، ماذا نقول له؟ نقول: أطلق الغزال، قال: يا جماعة أنا مسكته قبل أن أُحْرِم، نقول: نعم، لكن لا يجوز أن تكون يدك المشاهِدة على الغزال، أما لو صاده من قبل أن يُحْرِم ثم أودعه شخصًا آخر مُحِلًّا، ثم أحرم، فهل يجب على الْمُودِع أن يطلقه؟ لا؛ لأن يده المشاهِدة لم تكن عليه، لو فُرِض أنه بقي الصيد في يده المشاهِدة ثم أطلقه بناء على أنه إذا أحرم يلزمه أن يطلق الصيد، وأمسكه آخر، فهل يملكه الآخر أو لا؟ لا يملكه؛ لأن ملكه لا يزول عنه، وإنما الواجب أن يزيل المباشرة، يعني أن يزيل يده المشاهِدة عنه، أما يده الْحُكْمِيَّة فإنها لا تزول.