ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما حَصَرَهُ المشركون في عمرة الحديبية أمر بذبح الْهَدْي في المكان، فذبحوه في المكان، هذا دليل واضح، ولا يُلْزَم أن ينقله إلى مكة؛ لأنه محصور عنها، لو أراد أن يذبح فدية المحظور أو تَرْك الواجب في بلده وقال: إن بلدنا أشد حاجة من أهل مكة، يجوز؟
طلبة: لا.
الشيخ: لا يجوز؛ لأننا قلنا: هدي التمتع والقِرَان وفدية تَرْك الواجب وجزاء الصيد أربعة كلها تكون؟ في مكة، في الحرم أعم من مكة، المحظورات غير جزاء الصيد تكون حيث وُجِدَ سببها، ويجوز في مكة، دم الإحصار؟
طالب: حيث وُجِدَ سببه.
الشيخ: حيث وُجِدَ سببه، ولا سبيل إلى الوصول إلى مكة، ما الذي أخرج جزاء الصيد عن فدية بقية المحظورات؟ أخرجه النص في القرآن، كما قال عز وجل:{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}[المائدة: ٩٥]، وما دام فيه النص فإنه يجب الوقوف على ما جاء به النص.
قال:(ويجزئ الصوم بكل مكان)، معلوم؛ لأن الصوم ما فيه حظ لأحد حتى نقول: يراعى المكان، فيجزئ الصوم بكل مكان، فلو صام الإنسان عن فدية الأذى ثلاثة أيام في غير مكة، وفي غير فعل المحظور، لنفرض أنه فعل المحظور ثم سافر إلى جدة وصام هناك، يجوز؟
طلبة: يجوز.
الشيخ: يا إخواننا؟
طلبة: يجوز.
الشيخ: فَعَل المحظور في مكة وسافر إلى جدة وصام، يجوز؟
طلبة: نعم.
الشيخ: إي، تمام؛ لأن الصوم نفعه لا يتعدى فيجزئ بكل مكان.
قال:(والدم شاة أو سُبْع بدنة ويجزئ عنها بقرة)، الدم إذا أُطْلِق في كلام الفقهاء فهو شاة، والشاة إذا أُطْلِقَت فهي الواحدة من الضأن والمعز، ذكور أو إناث، فكلما قرأت في كتب الفقهاء: عليه دم، عليه دم، يجب دم، فالمراد ما ذكره المؤلف:(شاة) أي: واحدة من المعز أو الضأن من ذكور أو إناث.