للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصار أصل هذا أن تتذكر حال أم إسماعيل وأنها وقعت في شدة عظيمة حتى أنجاها الله، فأنت الآن في شدة عظيمة من الذنوب، فتستشعر أنك محتاج إلى مغفرة الله عز وجل كما احتاجت هذه المرأة إلى الغذاء، واحتاج ابنها إلى اللبن، فهذا هو السر في أن الإنسان يسعى بين العَلمين.

الوادي جاءت الملوك والخلفاء وردموه وانطمس، لكنه مع ذلك يأتي ويجري بين العَلمين، أدركنا هذا، حتى يسَّر الله الحكومة السعودية -والحمد لله- وجعلت الماء ينزل من أسفل؛ من أسفل المسجد ويخرج من جهة ثانية، وكان المسعى -أدركناه أيضًا- كان شارعًا تقطعه السيارات، يعني -سبحان الله- إذا تصور الإنسان ما مضى؛ السيارات تقطعه، فيسعى الناس وإذا بالسيارات تمشي، يقفون حتى يشيروا إلى أحد السواقين: قِفْ. ويتجاوزون، وكان المسعى أيضًا محل بيع وشراء؛ دكاكين ومتاجر وشراب من الغجارة، وما أشبه ذلك، نسمعهم يحجِّرون عليه بوسط المسعى؛ لأن الناس قليلون جدًّا، والآن كما ترون -والحمد لله- لما كثرت المواصلات وسهلت حصل ما ترون.

الشاهد الآن أن الإنسان إذا سعى يستحضر أولًا: سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وثانيًا: حال هذه المرأة، وقد قرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين أقبل على الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٥٨]، «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» (١)، ليشعر نفسه أنه إنما طاف بالصفا والمروة لأنهما من شعائر الله عز وجل، ولذلك لا تقال هذه الآية إلا إذا أقبل على الصفا حين ينتهي من الطواف، أما بعد ذلك فلا تقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>