الآنية الأصل فيها الحِلُّ؛ لأنها داخلة في عموم قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة: ٢٩]، ومنه الآنية؛ لأن الآنية من الأرض، نعم، ربما يعرض فيها شيء يُوجب تحريمها، كما لو اتُّخذت على صورة حيوان مثلًا فهنا تحرم؛ لا لأنها آنية، ولكن لأنها صارت على صورة محرَّمة، وإلا فالأصل فيها الحل.
والدَّليل ما ذكرت:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} هذا من القرآن.
ومن السُّنَّة: قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ»(١١). وقال عليه الصلاة والسلام:«إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَضَ الْفَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً بِكُمْ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ، فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا»(١٢).
إذن فالأصل فيما سكت اللَّهُ عنه الحِلّ إلا في العبادات، في العبادات الأصل حتى التَّحريم؛ لأن العبادات طريقٌ موصل إلى الله عزّ وجل، فإذا لم نعلم أن الله وضعه طريقًا إليه حرُم علينا أن نتخذه طريقًا، وكما دلَّت الآيات والأحاديث على أن العبادات موقوفة على الشَّرع، {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[الشورى: ٢١]، فدلَّ على أن ما يَدينُ به العبد ربَّه لا بُدَّ أن يأذن الله به.
وقال النبي عليه الصلاة والسلام:«إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ»(١٣).
إن الأصل في الأواني الحِلّ لدلالة الكتاب والسُّنّة، وعلى هذا فإذا اختلفنا في شيء، هل هو حلال أو حرام، فنقول لمن قال إنه حرام: عليك الدليل؛ لأن الأصل عندنا.