ولا فرق بين أن تكون الأواني كبيرة أو صغيرة، يباح الكبير والصغير، قال الله تعالى عن سليمان:{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ}[سبأ: ١٣].
(الجوابِ) ما هي؟ الجابية، البرك، والجَفْنَة مثل الصَّحفة.
{وقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ} ما تُحْمل ولا تُشال؛ لأنَّها كبيرة، راسية، ولكثرة ما يُطبخ فيها لا تُحمل، تبقى على ما كانت عليه، فلا فرق بين الصغير والكبير، لكن إذا خرج ذلك إلى حدِّ الإسراف صار محرَّمًا لغيره، لماذا؟ للإسراف {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأعراف: ٣١].
قال المؤلف:(كُلُّ إِناءٍ طَاهِرٍ) احترازًا من الإناء النَّجس؛ فإن النجس لا يجوز استعماله؛ لأنَّه نجس قذر، وفي هذا -الذي قاله المؤلِّفُ- نظر، فإن النَّجس يباح استعمالُه إِذا كان على وجه لا يتعدَّى، فلا حرج في استعماله، كما سيأتينا -إن شاء الله تعالى- في مسألة الجلد قبل الدبغ أو بعد الدبغ، فإذا استُعمل على وجه لا يتعدى؛ فإنه لا حرج فيه.
والدَّليل على ذلك حديث جابر أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام قال حين فتح مكَّة:«إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةَ، وَالْخِنْزِيرَ، وَالْأَصْنَامَ»(١٤)، قالوا: يا رسول الله، أرأيت شُحوم الميتة؛ فإِنَّها تُطلى بها السُّفن، وتُدهن بها الجلود، ويَستصبح بها النَّاس، قال:«لَا، هُوَ حَرَامٌ». فأقرَّ النبيُّ عليه الصلاة والسلام هذا الفعل مع أنَّ هذه الأشياء نجسة، فدلَّ ذلك على أن الانتفاع بالشيء النَّجس إذا كان على وجه لا يتعدَّى لا بأس به.
وقوله:(ولو ثمينًا)، (لو) هذه إشارة خلاف؛ يعني ولو كان غاليًا مرتفع الثمن مثل أيش؟ كالجواهر، والزُّمرُّد، والماس، وما أشبه ذلك فإنه يباح اتَّخاذه واستعماله.