قال:(ولا تجزئ العوراء، والعجفاء .. ) إلى آخره، لا تجزئ العوراء يعني لا تجزئ في الأضحية، أما أن يذبحها ويتصدق بلحمها فيجزئ، لكن الأضحية قربة معينة محددة من قبل الشرع.
وقول المؤلف:(العوراء) ليس على إطلاقا، بل لا بد من إضافة قيد أضافه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي البين عورها، وبيان العور يحصل بأمرين؛ إما بنتوء الحدقة -حدقة العين- وإما بانخسافها، هناك عور ليس فيه انخساف ولا نتوء، بل بياض في العين يمنع من الإبصار، وأحيانًا ماء من داخل العين، والعين على صورتها الطبيعية، هذان يجزيان: البياض في العين، والثاني: عدم الإبصار مع بقاء العين على ما هي عليه، على صورتها. وصورتان ممنوعتان: وهو أن تبرز العين أو أن تنخسف، هذا العور البين. الصورتان الأوليان تجزيان، والثالثة والرابعة لا تجزي؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:«الْبَيِّن عَوَرُهَا».
الحكمة من ذلك: تشويه المنظر من وجه، وقلة الغذاء من وجه آخر. أما تشويه الوجه فظاهر إذا ظهرت عينها هكذا زي النواة، أو انخسفت، هذا ظاهر، يشوه المنظر. والثاني: قلة الغذاء؛ لأنها لا تنظر إلى من جانب واحد، فيقل استيعابها للغذاء، فربما ترعى جانب الشجرة ولا ترعى الجانب الآخر. وإذا كانت عمياء فمن باب أولى، هذا ما يقتضيه الذوق والعقل. وقال بعض العلماء: العمياء تجزي، والعوراء لا تجزي. قالوا: لأن العمياء يحرص عليها أهلها ويأتون لها بالعلف والماء، ليست هي التي تطلب بنفسها وحينئذ لا يلحقها ضرر، لكن سبحان الله أيمكن أن يقال: الشريعة تمنع التضحية بالعوراء وتجيز التضحية بالعمياء! هذا بعيد جدًّا، فالعمياء من باب أولى.