الأذن صحيح أن فيها نقصًا في اللحم؛ لأن الأذن تُؤْكَل وينتفع بها، لكن مع ذلك لا تطيب نفس المرء أن يقول: إنها لا تجزئ؛ لأن الأذن غالبًا غير مقصودة، هذا الغالب، وكما قال الفقهاء رحمهم الله في البتراء التي قطع ذَنَبُها يقول: تجزئ، مع أن الذنب بالنسبة للبهيمة أنفع من الأذن؛ شاهدِ البعير -مثلًا- إذا أتاها ما يؤذيها من الذباب أو ما أشبه ذلك، ماذا تصنع؟ تطرده بذنبها، أو جاءها -مثلًا- حشرة تطردها بذنبها، ومع ذلك يقولون: إنها تجزئ.
لكن على كل حال سواء قابلناهم بالقياس أو ما قابلناهم نقول: الصحيح أنها تجزئ، ما دام الحديث ضعيفًا فالأصل أيش؟ الأصل الإجزاء حتى يقوم دليل على أنها لا تجزئ.
(والْعَضْبَاء، بل البتراء خلقة والجَمَّاء)(بل البَتْرَاء خلقةً) البتراء هي مقطوعة الذَّنَب، وهي نوعان:
ما كان قطع ذَنَبها خلقةً؛ أي أنها خُلِقَت بلا ذَنَب، وهذه لا شك أنها تجزئ كما قال المؤلف:(بل البتراء خلقة).
وما كانت بتراء بقطع ذَنَبها فظاهر كلام المؤلف أنها لا تجزئ، وهو قياس صحيح على الأذن، لكن المذهب أنها تجزئ؛ ولهذا قال في الروض: بل البتراء خلقة أو مقطوعًا.
والصواب أنها تجزئ خلقةً كانت أو مقطوعةً؛ وذلك لأن الذنَب غير مقصود في الأكل، وأكثر الناس يرمونه، إلا أن تنزل بالمسلمين نازلة مسغبة فكل شي يؤكل.
المقطوعة الألية لا تجزئ؛ لأن الألية مقصودة قصدًا أوليًّا، ولا سيما فيما سبق من الزمن؛ كان الناس فيما سبق من الزمن إذا قُدِّم الطعام وعليه ذبيحة وفيها ألية أول ما يأكلون الألية، يقطعون منها كما تُقْطَع القرعة ويجعلونها في اللقمة ويأكلونها؛ لأنها حقيقةً هي أقل دهنًا من بقية الشحوم ولذيذة، لكن الناس الآن تغيرت أحوالهم.
(والجَمَّاء) الجماء أيش الجماء؟ التي ليس لها قرون؛ لأنها هكذا خُلِقَت.