للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الثلث الذي لنفسه فواضح، وأما الهدية وتكون للأغنياء فإن فائدتها إلقاء المحبة والألفة والتواصل بين الناس، ففي الإهداء فوائد، وأما الصدقة ففيها أيضا فائدة وهي التحبب للفقراء وكسر حدتهم؛ لأن الفقراء قد يحتدون على الأغنياء، فإن كنا في شعب مؤمن فالفقير يتمنى أن يكون عنده مال يفعل به ما يفعل الغني، وإن كنا في شعب همج فربما يعتدي الفقراء على الأغنياء بالسرقات والسطو على البيوت وغير ذلك.

إذن الصدقة فيها فوائد كثيرة، مع ما فيها من الثواب عند الله تبارك وتعالى، فإن الإنسان قد يتصدق بما يعادل تمرة، فيأخذها الرب عز وجل ويربيها كما يربي الإنسان فلوه، يعني صغير فرسه، حتى تكون مثل الجبل (٢). وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «اتَّقِ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» (٣).

أما كونه أثلاثًا فهذا ما ورد عن السلف رحمهم الله، ولكن ظاهر القرآن أنه أنصاف بدون ذكر الهدية، قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨]. فإذا قسمنا هذا صار الأكل نصفًا وإطعام الفقير نصفًا. والأكل الذي منحت إياه أهده لمن شئت. والمسألة ليست يعني بالضيق بحيث يتحرى الإنسان هذا القدر بالميزان، المسألة مقاربة، فيُهدِي ويتصدق ويأكل حول هذا القدر.

قال: (وإن أكلها إلا أوقية تصدق بها جاز وإلا ضمنها) إن أكلها كلها إلا أوقية، الأوقية معيار معروف توزَن به الأشياء، وهي قليلة جدًّا، أكلها المضحي إلا أوقية تصدق بها، من أين أخذ الأوقية؟ أخذها من لحى الرأس، تعرفون لحى الرأس؟

معروف، رأس الشاة، أخذ الحنك وما عليه من اللحم وتصدق به، ظاهر كلام المؤلف أنه يجزي؛ لأن الله قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: ٢٨] يعني: وأطعموا منها، و (من) للتبعيض، فيصدق بأدنى بعض. فإذا أكلها إلا أوقية تصدق بها جاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>