وأما بالسنة فمثل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا»(١)، والأحاديث في هذا كثيرة، مثل قوله:«لَا يَبِعْ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ»(٢).
وأما الإجماع فمعلوم بالضرورة من دين الإسلام.
وأما النظر الصحيح فلأن الإنسان يحتاج إلى ما في يد غيره من متاع الدنيا، ولا وسيلة إلى ذلك إلا إما بالظلم وأخذه منه قهرًا، وإما بالبيع؛ فلهذا كان من الضروري أن يَحِلَّ البيع، فأحله الله عز وجل.
وفي حِلِّ البيع دليل على شمول الشريعة الإسلامية، وأنها ليست -كما قال أعداؤها- لا تُنَظِّم إلا المعاملات التي بين الخالق والمخلوق؛ بل هي تنظم المعاملات بين الخالق والمخلوق، وبين المخلوقين بعضهم مع بعض.
وتنظيمها للمعاملة بين المخلوقين بعضهم مع بعض من أهم الأمور؛ لأنه لولا ذلك لأكل الناس بعضهم بعضًا، واعتدى الناس بعضهم على بعض؛ فكان من الحكمة ومن مقتضى عدل الله عز وجل أن تُنظَّم المعاملات بين الخلق لئلَّا ترجع إلى أهوائهم وعدوانهم، ثم إن أطول آية في كتاب الله آية الدين، وهي في المعاملات بين الخلق، فكيف يقال: إن الشريعة الإسلامية هي تنظيم المعاملة بين الخالق والمخلوق؟ ولهذا قال رجل من المشركين لسلمان الفارسي: عَلَّمَكُمْ نبيُّكم حتى الخِرَاءة؟ قال: أجل (٣)، الخِراءة يعني: آداب قضاء الحاجة.
في السنة آداب قضاء الحاجة، في القرآن آداب الجلوس:{إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا}[المجادلة: ١١].