ولقد أخطأ من قال: إن النصوص لا تَفِي بعُشْر ما يحتاج الناس إليه، بل نقول: إن النصوص وافية بكل ما يحتاج الناس إليه، ولكن منه أشياء منصوص عليها، ومنه أشياء تدخل تحت القواعد العامة.
إذن حكم البيع الجواز بالكتاب والسنة والإجماع.
طلبة: والنظر الصحيح.
الشيخ: والنظر الصحيح. عندي يقول في الشرح -نشوف كلام المؤلف في الشرح-: (جائز بالإجماع لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}[البقرة: ٢٧٥])، بعضهم يقول: إن هذا التعبير فيه نظر، والصواب أن يقال: جائز بالكتاب والسنة والإجماع، لكن المؤلف له وجهة نظر، أراد أن يبدأ بالإجماع، ثم يذكر مستنده؛ لأن الإجماع قاطع للنزاع، بخلاف النص، النص قد يكون فيه مدخل لمُؤَوِّل فلا يوافقك مَنِ استدللت عليه به على ما استدللت به عليه، لكن الإجماع قاطع للنزاع، ولكلٍّ وجهة؛ مَنْ قال: ابدأ بالكتاب والسنة والإجماع فله نظر؛ لأن الكتاب أقوى الأدلة ثم السنة ثم الإجماع، والإجماع لا بد أن يكون له مستند من الكتاب السنة، إما معلوم وإما خَفِيٌّ على بعض الناس، وإلا فلا يمكن أبدًا أن يوجد إجماع بلا مستند من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ثم قال:(وهو مبادلة مال ولو في الذمة) إلى آخره، (هو) الضمير يعود على البيع، وقوله:(مبادلة) إلى آخره هذا تعريف له بالاصطلاح، وله تعريف في اللغة، تعريفه في اللغة أعم من تعريفه في الاصطلاح، وهكذا جميع الكلمات والحقائق التي لها حقائق لغوية وحقائق شرعية، تجد أن الحقائق اللغوية أوسع من الحقائق الشرعية إلا في بعض الكلمات؛ مثلًا الإيمان في اللغة محله القلب؛ لأنه إقرار القلب بالشيء، لكن في الشرع أعم؛ يشمل قول اللسان وعمل الجوارح، بالإضافة إلى إقرار القلب، وهذا نادر، لكن فالأكثر أن تكون المعاني اللغوية أوسع من المعاني الشرعية.