الشيخ: شيء في الذمة بشيء في الذمة، لكن لو أخرجت الدراهم العشرة وضعتها هنا على الماصة وأتيت أنت بالكيلو من السكر ووضعته على الماصة، وقلت: اشتريت منك هذا الكيلو بهذه الدراهم، صار معينًا بمعين، أما الأول نحن ما عيَنَّا الدراهم، ما قلت: هات هذه الدراهم، ولا قلت أنت: هذا الكيلو.
فصار الآن: معين بمعين، ومعين بما في الذمة، وبما في الذمة بما في الذمة، تمام؟
قال المؤلف:(أو منفعة مباحة كممرٍّ في دار)، (منفعة مباحة) يعني: مبادلة مال بمنفعة مباحة، مثاله: ممر في دار، كيف ممر في دار؟
هذا رجل له دار وله جار، دار وجار، الجار بينه وبين الشارع، فقال الآخر: أشتري منك ممرًّا في دارك إلى الشارع، قال: ما فيه مانع، اشترى منه الممر إلى الشارع بدراهم، فهذه يقال: إنها مبادلة مال بأيش؟ بمنفعة، فليس للجار الذي اشترى من جاره المنفعة ليس له إلا الاستطراق من داره عبر بيت جاره إلى الشارع، فلا يتصرف في هذا الممر، يعني: لو قال: أبغي أبلط الممر -يقول الذي يريد أن يعبر إلى الشارع- فلصاحب الدار أن يمنعه، ما هو ملكك، أنت لك الاستطراق فقط، والاستطراق هو منفعة، لك المنفعة، لك عليَّ ألا أحول بينك وبين الانتفاع، لا آتي يومًا من الأيام وأضع العراقيل أمامك، لا؛ لأنك تملك المنفعة، فهذه إذن مبادلة مال بمنفعة.
تبين الآن أن الذي يقع عليه العقد إما أعيان وإما منافع، والأعيان إما مشار إليها وإما في الذمة، أليس كذلك؟
وقول المؤلف:(منفعة مباحة) احترازًا من المنفعة غير المباحة؛ مثل لو اشترى منه الانتفاع بآلة عزف، قال: بع عليَّ الانتفاع بهذه الآلة، مثلًا الآلة تساوي مئة ريال، قال: أبغي أشتري بها الانتفاع فقط خمسين ريالًا. قال: بعت عليك، يجوز أو لا؟
طلبة: لا يجوز.
الشيخ: لا يجوز، لماذا؟ لأن المنفعة هنا محرمة، وكل عقد على محرم فهو باطل؛ «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(٤).