للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: طيب، نعود إلى مسألتنا السابقة: (من باع ربويًّا بنسيئة واعتاض عن ثمنه ما لا يُبَاع به نسيئة) المؤلف يقول: إن هذا حرام ولا يجوز؛ لأنه حيلة أو قد يُتَّخذ حيلة، وقال الموفق صاحب المغني: إنه يجوز؛ لأن الحيلة هنا بعيدة، كيف يبغي يبيع -مثلًا- بُرًّا بتمر بعد سنة، هذا بعيد، فالحيلة بعيدة، وما كان بعيدًا فلا عبرة به، أعرفتم الآن؟

طلبة: نعم.

الشيخ: إذن يقول الموفق رحمه الله: إنه لا بأس بذلك؛ لأن محظور الربا؟

طالب: بعيد.

الشيخ: بعيد، والتحيل على الربا بهذه الصورة بعد سنة بعيد هذا جدًّا.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجوز للحاجة، فتوسَّطَ بين القولين.

كيف يجوز للحاجة؟ يعني يقول لما حل الأجل وجاء للمشتري قال: واللهِ، ما عندي إلا تمر، المثال ترى مازلنا باقين على المثال الأول: باع عليه بُرًّا بدراهم إلى سنة، حلت السنة، فجاء إلى المشتري، قال: أعطني الدراهم، قال: واللهِ، أنا ما عندي، أنا رجل .. ، لنفرض أنه فلاح، ما عنده دراهم، ويسمونها الناس بالعرف التجاري سيولة، ما عندي دراهم، لكن عندي تمر، هذا فيه حاجة، فقال: أنا آخذ التمر بدل الدراهم، نقول: على رأي شيخ الإسلام يجوز.

فالمسألة فيها إذن ثلاثة أقوال؛ القول الأول: المنع مطلقًا، والثاني: الجواز مطلقًا، والثالث: الجواز للحاجة، وهذا عندي أنه أحسن الأقوال؛ دفعًا للشبهة، ولئلا ينفتح الباب لغيرنا، نحن قد لا نفعل هذا حيلة، لكن غيرنا يتحيل.

بقي علينا شرط لا بد منه، على القول بالجواز لا بد من شرط؛ وهو ألَّا يربح المستوفي، نأخذ هذا الشرط من قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديث ابن عمر: «لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا»، ونأخذه أيضًا من نهي الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ربح ما لم يُضْمَن (٧)، يعني: نهى أن تربح في شيء لم يدخل في ضمانك.

<<  <  ج: ص:  >  >>