للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، وفيها أيضًا روايتان عن الإمام أحمد؛ فمن العلماء من يقول: هي جائزة؛ لأن شراء هذه السلعة قد يشتريها الإنسان لغرض مقصود بعين السلعة؛ كرجل اشترى سيارة يبغي يستعملها، أو يكون الغرض قيمة السيارة؛ اشتراها لأجل أن يبيعها ويتوسع بالثمن، فيكون هذا الغرض كالغرض الأول، لكن الغرض الأول أراد الانتفاع بعينها، وهذا أراد الانتفاع بقيمتها، فلا فرق؛ ولهذا قالوا: إنها جائزة.

والقول الثاني: أنها حرام، وهو رواية عن الإمام أحمد، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو المروي عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله.

ووجه ذلك: أن مقصود الذي اشترى السيارة هو الدراهم، فكأنه أخذ دراهم قدرها ثمانون بدراهم قدرها مئة إلى أجل، فيكون حيلة، وقد نص الإمام أحمد أن هذه من مسائل العينة؛ مسألة التورق.

إذن للعلماء فيها قولان؛ القول الأول: أنها حرام، والقول الثاني: أنها حلال. وذلك لأنها حيلة.

ولكن على القول بأنها حلال لا بد أن يكون الباعث لها الحاجة؛ لقوله: (ومن احتاج)، فلو كان الباعث لها الزيادة والتكاثر فإن ذلك حرام لا يجوز؛ لأن قولهم: (ومن احتاج) ليست لبيان الواقع، ولكنها شرط؛ لأنه إذا لم يكن حاجة فلا وجه لجوازها؛ إذ إنها حيلة قريبة على الربا.

يقول ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين: إن شيخنا رحمه الله كان يُرَاجَع فيها كثيرًا -يعني: لعله يحللها- ولكنه رحمه الله يأبى، يقول: هي حرام، والحيل لا تزد المحرمات إلا خبثًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>