الشيخ: نعم؛ لأن الإنسان قد يُقدم على السلعة شفقة أول ما يقدم، ثم بعد أن تباع تزول رغبته عنها، وهذا شيء مجرب؛ أن الشيء الذي ليس بيد الإنسان يجد الإنسان عليه شفقة وحبًّا له، فإذا أدركه وتمكن منه ربما تزول الرغبة.
***
قوله:(وإن نَفياه أو أَسْقطاه سَقَط، وإن أسقطَهُ أحدُهما بقي خيارُ الآخر) يعني: إذا تم العقد وقال أحدهما: أسقطتُ خياري، أو طلب منه الآخر أن يسقط خياره فأسقطه بقي خيار صاحبه. ويدل لذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن عمر:«فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ»(٤)، فدل ذلك على أنه يصح أن يسقط أحدهما الخيار عنه لصاحبه.
(وإذا مضت مدته لزم البيع) لو قال المؤلف رحمه الله: (وإذا تفرَّقا لزم البيع) لكان أولى؛ لموافقة الحديث لقوله:«وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ»، فالأولى في التعبير أن يقول: وإذا تفرقا لزم البيع.
وقوله:(لزم البيع)، أي: وقع لازمًا، ليس لأحدهما فسخه إلا بسبب. وهذه المسألة مجمع عليها، ومستند الإجماع قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ»، واللزوم هنا من الطرفين؛ يعني: يلزم من جهة المشتري ومن جهة البائع، وبهذا عرفنا أن البيع من العقود اللازمة؛ لأن العقود ثلاثة أقسام: لازمة من الطرفين، وجائزة منهما، ولازمة من أحدهما دون الآخر.
فاللازمة من الطرفين مثل البيع والإجارة، والجائزة من الطرفين كالوكالة، والجائزة من طرف واحد كالرهن، هو جائز من قبل المرتهِن لازم من قبل الراهن؛ لأن الراهن لا يمكنه أن يفسخ الرهن، أما المرتهن فله أن يفسخه.
ثم قال:(الثاني) أي: من أقسام الخيار (أن يشترطاه)، وليعرب لنا العقيلي هذه الجملة (الثاني أن يشترطاه)؟