للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويدل لذلك ما سبق من أدلة جواز خيار الشرط مثل قوله: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» (٥)، ويدل عليه أيضًا حديث ابن عمر: «أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ» (٢)، فما دام الحق لهما، وشرطاه لأحدهما دون الآخر فهو صحيح، وإن لم يشترطاه لأحدهما، ولا لهما، فما الحكم؟ ينفذ البيع، فلا خيار.

ثم قال: (وإلى الغد أو الليل يسقُط بأوله) يعني قال: لي الخيار إلى الغد، لي الخيار إلى الليل، (يسقط بأوله)؛ لماذا؟ لأن الغاية ابتداؤها داخل وانتهاؤها غير داخل، فإذا قال: (إلى الغد) لم يدخل الغد، ينتهي الخيار بطلوع الفجر.

(إلى الليل) لا يدخل الليل، ينتهي الخيار بغروب الشمس؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧].

وقال بعض العلماء: يُرجع في ذلك إلى العرف، فإذا قال: إلى الغد، فيمكن أن يحمل على ابتداء السوق، وابتداء الأسواق في الغالب لا يكون من أذان الفجر؛ يكون من ارتفاع الشمس وخروج الناس إلى الأسواق.

وهذا هو الصحيح، الصحيح أنه يُرجع إلى العرف، فإذا كان عُرف التجار أنهم إذا قالوا: (إلى الغد)، يعني: إلى افتتاح السوق، فالأمد إلى افتتاح السوق، نعم إذا لم يكن هناك عرف أو كان العرف غير مطَّرد نرجع إلى اللغة، واللغة: الغد يبتدئ مِن؟

طالب: من أول الليل؟

الشيخ: من طلوع الفجر، ما هو من أول الليل، من طلوع الفجر.

(إلى الليل) إلى غروب الشمس، فإن قُدِّر أن هناك عرفًا يجتمع التجار فيه بعد العشاء، ويرون أن الآجال المؤجلة بالليل، يعني: جلسة ما بعد العشاء فإنه يتقيَّد به، وهذه قاعدة ينبغي أن نعرفها: أن المرجع فيما يتداوله الناس من الكلام والأفعال إلى العُرف، فإن لم يكن عُرفٌ أو كان العرف مضطربًا، رجعنا إلى اللغة، ما لم يكن للشيء حقيقة شرعية، فإن كان للشيء حقيقة شرعية، فهي مقدمة على كل الحقائق.

(ولمن له الخيار الفسخ ولو مع غيبة الآخر وسخطه).

<<  <  ج: ص:  >  >>