وقوله:(ولم يحسن المماكسة) ظاهره أنه إذا كان يحسن المماكسة فإنه لا خيار له ولو غُبِن؛ يعني: رجل يجهل قيمة الأشياء لكنه جيد في المماكسة، فأتى إلى صاحب الدكان، وقال له: كم قيمة هذا المسجِّل؟ قال: قيمته مئتا ريال، وصاحب الدكان وضع ورقة عليه صغيرة: القيمة مئتا ريال، الرجل هذا جيد في المماكسة، لكن ظن أن هذه قيمته في الأسواق، فأخذ المسجِّل ثم لما عرضه على إخوانه، قالوا: هذا يباع في السوق بثمانين ريالًا، كم غُبِن؟ مئة وعشرين، فرجع إلى الرجل، وقال له: هذا بثمانين ريالًا، هل له الخيار أو لا؟
طالب: المذهب لا.
الشيخ: على كلام المؤلف لا خيار له، لماذا؟
لأنه يحسن المماكسة، يقدر يحاطّه في الثمن حتى يصل إلى ثمانين، ولكن الصحيح أن له الخيار، لماذا؟
لجهله بالقيمة ولتغرير البائع له، فلا ينبغي إلا أن نعامل البائع بنقيض قصده، لمَّا غرَّه نعامله بنقيض قصده، ونقول: له الخيار.
إذا كان هذا الرجل يعرف البيع والشراء، ليش ما ماكسني؟
نقول: لا، هذا -جزاه الله خيرًا- وثِق بك، ولستَ أهلًا للثقة، والآن له الخيار.
ومن المناجشة -وهي أيضًا نوع من الاسترسال- أن يقول البائع للمشتري: أُعطيت في السلعة كذا -وهو يكذب- قال: أعطيت فيها مئتان، وهو كذاب، المشتري سوف يقول: إذا كانت سِيمَت بمئتين أنا أطلَّع السوق وأقول: مئتان وعشرة، وفعلًا اشتراها بمئتين وعشرة، وتبين أن قيمتها مئة وخمسون، له الخيار؟
طلبة: نعم.
الشيخ: نعم له الخيار؛ وذلك لأنه غُبن على وجه يشبه النجش.
ومن ذلك أيضًا إذا قال: اشتريتها بمئة، وهو كاذب، اشتراها بخمسين، لكنه قال: اشتريتها بمئة فأخذها المشتري بمئة وخمسة ليربح بذاك الخمسة ريالات، وتبين أنه اشتراها بخمسين، له الخيار؟
طالب: له الخيار.
الشيخ: نعم، له الخيار؛ لأن هذا من النجش؛ فإنه استثار المشتري حتى اشتراها بأكثر من ثمنها.
فإن قيل: ما حكم النجْش، وما حكم أن يفعل ما يَسترسل معه المشتري؟