للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل على أنها صحيحةٌ عمومُ قولِه صلى الله عليه وسلم: «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» (٩)، وبناءً على ذلك فإن الصلاة على البيَّارة (البلَّاعة) لا بأس بها؛ لأنها أقلُّ من سطح الحشِّ؛ فإن سطح الحشِّ قد يقول قائل: إنه داخلٌ في اسم الحشِّ فلا تصحُّ الصلاةُ فيه، أمَّا سطح البيَّارة فليس تابعًا لها، بلْ هو مستقلٌّ، وهذا هو الذي عليه عملُ الناسِ؛ فإن البيَّارات أو أنابيب المجاري الوَسِخة تمرُّ من الأحواش ويصلِّي الناسُ فيها.

الحمَّامُ لا تصحُّ الصلاةُ على سطحه؛ العِلَّةُ لأنَّ الهواء تابعٌ للقرار، والقول الثاني في المسألة أنَّ الصلاةَ على سطحه تصحُّ؛ لأن الحمَّام إنْ كانت العِلَّة فيه أنه مأوى الشياطينِ فإن الشياطينَ لا تأوي إلَّا إلى المكان الذي تُكشَف فيه العورات، وإنْ كانت العِلَّة فيه خوف التنجُّس فكذلك السطح بعيدٌ من هذه العِلَّة، وعلى هذا فتصحُّ الصلاةُ في سطح الحمَّام.

أعطانُ الإبلِ كذلك على المذهب لا تصحُّ، والعِلَّة أن الهواء تابعٌ للقرار، والصحيح: الصِّحَّة؛ فلو كان هناك حوشٌ للإبل تُقِيم فيه وتأوي إليه وجانبٌ منه مسقَّفٌ -كما يُفعَل كثيرًا في أحواش الإبل- فالسقفُ الذي فوق هذا الحوش على المذهب لا تصحُّ الصلاةُ فيه؛ لأن الهواء تابعٌ للقرار.

والصحيحُ صِحَّةُ الصلاةِ فيه؛ لأن هذا لا يدخل في قوله عليه الصلاة والسلام: «لَا تُصَلُّوا فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ» (١٠)؛ فإنَّ الإبل لا تَبْركُ فوق السطح، إنما تَبْركُ في أسفل.

إذَن الصحيحُ الآنَ أنَّ أسطِحَة هذه المواضعِ تصحُّ الصلاةُ فيها ما عدا موضعًا واحدًا وهو المقبرة؛ لأن العِلَّة الموجودة في النهيِ عن الصلاة في المقبرةِ موجودةٌ في النهي عن الصلاة في سطحٍ على بناءٍ في المقبرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>