واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يصح تصرفه مع البائع، وأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ»(٦). يعني لا يبيعه بيعًا على غير بائعه، واختار أيضًا أنه إذا باعه تولية فلا بأس، ومعنى تولية؟ برأس المال، وقال: إن العِلَّة في النهي أنه إذا باعه بربح فقد ربح فيما لم يضمن، أي فيما لم يدخل في ضمانه. وأيضًا فإن العلة من النهي خوف العداوة والبغضاء أو محاولة البائع فسخ العقد؛ لأن البائع إذا رأى أن المشتري ربح فيه قبل أن ينقله إلى بيته، فربما يحاول فسْخ العقد بأي طريق، فيحصل بذلك النزاع والخلاف.
ولكن الأولى أن يُقال: إن الحديث على ظاهره، النهي على ظاهره، وأنه يشمل حتى ما إذا باعه على بائعه، أو باعه تولية أو مشاركة، أو مُواضَعة، أي شيء، هذا هو ظاهر النص، ثم هو ظاهر تعليل ابن عباس رضي الله عنهما؛ لأن ابن عباس علل هذا بأنه دراهم بدراهم والقبض مُرْجَأ (٧)، لما سأله طاوس: ليش يعني النهي هذا؟ قال: لأنه دراهم بدراهم والقبض مرجأ، أي مُؤخَّر، وجه ذلك: أنني إذا اشتريته من هذا الرجل سلعةً بمئة دينار، وأبقيتها عنده، ثم بعتها بمئة دينار وعشرة دنانير، صار كأنني بعت مئة دينار بمئة وعشرة فقط، وهذه السلعة ممر.