والعرايا أن يكون هناك رجل فقير لا يجد مالًا ويحتاج إلى الرطب، وليس عنده إلا تمر، فيأتي إلى صاحب البستان ويقول: أنا أريد أن أشتري منك رطبًا بهذا التمر، فهذا يجوز على أن يُخرَص الرطب بمثل التمر بعد جفافه وتَحوُّلِه إلى التمر، وهذه مسألة مُسْتَثْنَاة مما يُشْتَرَط فيه العلم بالكيل.
(ولا بعضه ببعض جزافًا).
لو باع بعضه ببعض جزافًا، وقَبْل التقابض كال كل منهما ما آل إليه، فوجده مساويًا للآخر، فهل يصح العقد؟
الجواب: نعم، يصح العقد؛ لأن المحظور قد زال، وليس هناك جهل، الْمَبِيع معلوم من الطرفين، وإنما العلة هو معياره، وقد علمنا الآن أنهما سواء في المعيار الشرعي.
(ولا بعضه ببعض جزافًا، فإن اختلف الجنس جازت الثلاثة).
(إن اختلف الجنس) أي: بين المبيعين، بأن يباع بُرٌّ بشعير، فإنها تجوز الثلاثة، وهي: أن يباع كيلًا، أو يباع وزنًا، أو يباع جزافًا.
ووجه الجواز أنه إذا بِيعَ الربوي بغير جنسه جاز فيه التفاضل.
مثال ذلك: اشترى شعيرًا بِبُرٍّ، ووزنَاهُمَا فكانَا سواء، يعني: اشترى كيلو بُرّ بكيلو شعير، فهذا جائز أو غير جائز؟
طالب: جائز.
الشيخ: جائز، لماذا؟
طالب: اختلف الجنس.
الشيخ: لا، اختلاف الجنس هذا تعليل الحكم، لكن لماذا جاز؟ لأنه من غير جنسه، وإذا اختلف الجنس فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» (٢).
باع شعيرًا بتمر وزنًا، كيلو من هذا بكيلو من هذا، جائز أو غير جائز؟
طالب: جائز.
الشيخ: جائز، لماذا؟ لاختلاف الجنس، وإذا اختلف الجنس لم يُشْتَرَط التساوي.
باع تمرًا بِبُرٍّ من غير تقدير لا بالوزن ولا بالكيل، يجوز أيضًا، وذلك لأنه لا يُشْتَرَط فيه التساوي.
وخلاصة الكلام الآن أنه إذا بِيعَ الربوي بجنسه اشتُرِط فيه شرطان:
الأول: التقابض من الطرفين.
والثاني: التساوي بالمعيار الشرعي، الْمَكِيل بالكيل، والموزون بالوزن.