وقال بعض العلماء: إنه يجوز أن يباع المكيل وزنًا، فيُعْتَبَر بالوزن، ولا العكس، يعني فلا يباع الموزون كيلًا، بخلاف المكيل فإنه يجوز أن يباع وزنًا، لكن الاحتياط ألَّا يباع المكيل إلا كيلًا، ولا يباع الموزون بمثله إلَّا وزنًا، إلا ما يتساوى فيه الكيل والوزن، فلا شك في أن بيعه كيلًا أو وزنًا جائز.
وقول المؤلف:(ولا يباع مكيلٌ).
كلمة (مكيل) نكرة في سياق النفي تشمل القليل والكثير، والمساوي في الجودة والمخالِف، فلو باع الإنسان تمرة بتمرة فالتساوي بماذا؛ بالكيل ولَّا بالوزن؟ بالكيل، تمرة بتمرة، لا بد من أن يتساويَا كيلًا.
لكن كيف تُكَال التمرة؟ يؤتى بإناءٍ صغير كملعقة مثلًا، توضع التمرة في هذه الملعقة وتوضع التمرة الأخرى فيها.
وقال بعض أهل العلم: ما لا يوزن لقِلَّتِه وحقارته فإنه لا يُعْتَبَر فيه التماثل، كتمرة بتمرتين مثلًا فلا بأس، فمن أخذ بعموم الحديث:«التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ»(٢)، قال: هذا يشمل التمر القليل والكثير، ومَن أخذ بما تعارف به الناس وقال: إنه لا يمكن أن تُكَال التمرة، قال: هذا محمول على ما يعرفه الناس مما يمكن فيه الكيل، لكن ظاهر كلام المؤلف:(ولا يُبَاع مكيلٌ) أنه يشمل القليل والكثير، (ولا موزون بجنسه إلا وزنًا).
قال:(ولا بعضه ببعض جزافًا)، يعني: ولا يُبَاع بعض المكيل بالمكيل جزافًا، ولا بعض الموزون بالموزون جزافًا؛ لأنه لا بد فيه من العلم بأيش؟ بالتساوي، والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، يعني حتى لو فُرِض أننا أتينا بخارص حاذق، وقال: هذه الكومة من البُرِّ تساوي هذه الكومة من البُرِّ، فإنه لا يجوز تبايعهما؛ لأنه لا بد من أيش؟ العلم بالتساوي عن طريق الكيل، إلا أنه يُسْتَثْنَى مسألة واحدة تأتينا إن شاء الله، وهي العرايا، فإن العرايا يجوز أن تباع خَرْصًا.