إذا بِيعَ الربوي بجنسه وجب فيه الحلول والقبض والتساوي، فما هو الطريق إلى العلم بالتساوي؟ بيَّنه بقوله:(ولا يُبَاع مكيل بجنسه إلا كيلًا، ولا موزونٌ بجنسه إلا وزنًا)، وعلى هذا فالتساوي في الْمَكِيل عن طريق أيش؟ الكيل، وفي الموزون عن طريق الوزن، والفرق بينهما أن المكيل تقدير الشيء بالحجم، والوزن تقديره بالثِّقَل والخِفَّة، هذا هو الفرق، فالمكيل يُقَدَّر بحجم الشيء، والوزن بماذا؟ بالخِفَّة والثِّقَل؛ هذا هو الفرق بينهما.
فالبُرُّ مكيل، إذا بيع بِبُرٍّ فلا بد من أن يكون طريقه للتساوي هو الكيل، فلو وُزِن، يعني بِيعَ بجنسه وزنًا فإنه لا يصح، ولا يُعْتَبَر ذلك تساويًا، حتى فيما لا يختلف بالوزن والكيل، كالأدهان والألبان، فإن الأدهان والألبان من قسم المكيل؛ لأن كُلَّ مائع مكيل، كُلُّ مائعٍ يجري فيه الربا فهو مكيل، فعلى هذا تكون الألبان من المكيلات، ولا يختلف بها الوزن والكيل، ومع ذلك لو بِيعَت وزنًا فإنها -على كلام المؤلف- لا يصح، يعني لو بيع لبنٌ بلبن من جنسه وزنًا فإنه لا يصح، مع أنه لو كِيلَ لكان متساويًا.
واختار شيخ الإسلام -رحمه الله- أنه إذا كان الكيل والوزن يتساويان فلا بأس أن يُبَاع المكيل بجنسه كيلًا أو وزنًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:«مِثْلًا بِمِثْلٍ»(٢)، والمثلية هنا متحققة، أما ما يختلف بالكيل والوزن فلا بد أن يكون المكيل يباع كيلًا، والموزون يباع وزنًا.
(ولا موزون بجنسه إلا وزنًا)، مثل اللحم، لو باع الإنسان لحمًا من خروف بلحم من خروف آخر فهذا موزون، فلو أراد أن يقطع اللحم قطعًا صغيرة ويضعه في إناء ويبيعه بجنسه كيلًا فإنه لا يصح؛ لأن معيار اللحم هو الوزن.