ولكن بعض العلماء يقول: ما نص الشرع على أنه مكيل فهو مكيل، وما لم ينص عليه الشرع فالمرجع فيه إلى العُرْف؛ لأنه يُضعِّف هذا الحديث:«الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ الْمَدِينَةِ، وَالْمِيزَانُ مِيزَانُ مَكَّةَ»، ويقول: ما نص الشرع عليه -مثل التمر- مكيل، البُرّ مكيل، الشعير مكيل، الزبيب مكيل، الملح مكيل، ما هو الدليل؟
الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قَدَّرَ زكاة الفطر بأيش؟ بالكيل، قال:«صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ، صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ»(٦)، وكذلك قال أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-: كنا نخرجها صاعًا من طعام، وكان طعامنا يومئذ التمر والشعير والزبيب والأقط (٧).
فما نص الشرع على أنه مكيل فهو مكيل، وليس لنا أن نتعدى، أما ما لم ينص عليه فإنه يُعْتَبَر عُرْفُه في موضعه؛ إن كانوا يبيعونه بالوزن فهو موزون، وإن كانوا يبيعونه بالكيل فهو مكيل، وإن كانوا يبيعونه بالعد فهو معدود.
لنطبق هذا القول على حالنا اليوم: الآن الناس يتبايعون الرز والبُرّ بماذا؟ بالوزن، هل نعتبر الوزن فيه، أو نقول: هذا منصوص على أنه مكيل؟ الثاني، نقول: إذا أردنا أن نبيع بُرًّا ببُرّ ما نعتبر الوزن، نعتبر الكيل؛ لأن هذا مكيل بالنص، فلا نتعدى النص.
لو فرضنا أن هناك ذُرَة يتبايعها الناس بالوزن، فهل نقول: هي موزونة، بِنَاءً على العُرْف، أو هي مكيلة؛ لأنها كالبُرّ؟
نرجع للعرف؛ لأنه ليس هناك نص على أن الذُّرَة من المكيل.
وهذا القول يُريح الإنسان أكثر؛ لأننا إذا قلنا: الْمَرَدّ مرد المدينة أو مكة قد يحصل اشتباه عند كثير من الناس، ثم هل الْمُعْتَبَر عرف مكة بوقتك الحاضر أو بوقت الرسول عليه الصلاة والسلام؟ المؤلف يقول: على عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا قد يجهله كثير من الناس فلا يعرِف.
طالب: في مسألة العرايا حينما استثنيت يا شيخ بيع رُطب مخروف بتمر، أن هذا لا يجوز؛ لأن النص على أنه يكون في النخل.