فإذا قلنا بالتعيين فإن المشتري لا يمكنه أن يبدِّلها؛ لأنه لما عيَّنَها ووقع العقد على عينها وتم العقد صارت ملكًا لِمَنْ؟ للبائع، فلا يمكن أن يبدِّلها المشتري، كما أن البائع لا يمكن أن يبدل الثوب.
أما إذا قلنا بأنها لا تتعين فله أن يبدلها، ويأخذ من جيبه درهمًا غير الذي عيَّنه ويسلمه للبائع. هذا مما يترتب على الخلاف؛ إن قلنا: إنها تتعين بالتعيين بالعقد فإنها لا تُبدَّل، وإن قلنا: إنها لا تتعين فإنها تُبدَّل؛ لأنه لا فرق بين هذا الدرهم وهذا الدرهم.
في الأوراق النقدية كذلك؛ لو قال: اشتريت منك هذا الثوب بهذه العشرة، العشرة رقمها مليون وخمس مئة وسبعون، ثم أراد أن يعطيه بدلًا عنها ما رقمه مليون وخمس مئة وستين مثلًا، هل له أن يبدل؟
على الخلاف؛ إن قلنا: إنها تتعيَّن بالتعيين لم يملك أن يبدل، وإن قلنا: لا تتعين مَلَك، أيهما أقرب إلى مقصود الناس؟ الثاني؛ عدم التعيين؛ إذ إن البائع لا يهمه أن يكون رقم هذه الورقة كذا وكذا أو الرقم الثاني، لا يهمه، ثم إنه -أيضًا- يمكن أن يختلف.
لو أنه اختلف بأن أخرج العشرة فإذا هي ورقة جديدة فأراد أن يغيِّرها إلى ورقة أخرى قديمة قد تكون آيلة إلى التلف عن قرب، فهل له أن يغيِّر؟ هو على الخلاف، لكن حتى إذا قلنا: إنها لا تتعين، فإنه في هذه الحال للبائع أن يقول: لا أريد هذا، فرق بين ورقة قديمة آيلة للتلف عن قرب، وورقة جديدة، فهنا الغرض يختلف، فالظاهر أنه حتى لو قلنا: إنها لا تتعين، فإنها في هذه الصورة تتعين؛ لأن الرغبة عند الناس تختلف بين هذا وهذا.
قال:(وإن وجدها مغصوبة بطل)(إن وجدها) الضمير يعود على الدراهم أو الدنانير التي عيَّنها في العقد (مغصوبة بطل).
ومعنى (وجدها مغصوبة) أي: تبين أنها مغصوبة، فإن العقد يبطل، لماذا؟ لأنه وقع العقد على عينٍ مغصوبة لا يملك الغاصب أن يتصرف فيها، وتصرُّفُه فيها باطل، فيبطل العقد.