للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثال ذلك: اشترى دينارًا بدينار آخر، ثم وجد أن الدينار مَعِيب من جنسه، يعني: مخلوط معه ذهب رديء، فالآن البيع واقع على دينار بدينارٍ، ويُشترط في بيع الدينار بالدينار التساوي، هذا الرجل وجد أن الدينار الذي عينه معيبًا من جنسه، فماذا نقول؟ نقول: أنت الآن بالخيار، إن شئت أمسك بلا أرش، وإن شئت فرُدَّ؛ أما كونه يرد فواضح لأنه معيب، وله أن يرد، هو لم يشترِ إلا شيئًا سالمًا. وأما كونه بلا أرش؛ فلأن الأرش يستلزم زيادة في بيع الجنس بجنسه. ومعلوم -حسب ما مر علينا من القواعد- أن بيع الجنس بجنسه يُشترط فيه التماثل، ولهذا قال: (أمسك) أي: بلا أرش (أو رَدَّ).

وعُلم من قول المؤلف رحمه الله: (من جنسه) أنه إذا كان من غير الجنس فإنه لا يصح العقد، إذا وجدها معيبةً من غير الجنس فإنه لا يصح العقد أصلًا، ما فيه خيار؟ نقول: ليس فيه خيار، بل هو باطل.

مثال ذلك: باع درهمًا بدرهم ووجد أن أحد الدرهمين معيب بنحاس، فهنا يبطل العقد، ليش؟ لأن العيب من غير الجنس، فيكون من باب (مد عجوة ودرهم)؛ لأنه باع جنسًا بجنسه ومع أحدهما من غير الجنس، فلا يصح.

هذا كله بناءً على أن الدراهم والدنانير تتعيَّن بالتعيين بالعقد، أما إذا قلنا: إنها لا تتعين، فإنه إذا وجدها معيبة يبقى العقد على ما هو عليه، ويطالِب ببدله سليمًا.

***

ثم قال المؤلف رحمه الله: (ويحرُم الربا بين المسلم والحربي، وبين المسلمين مطلقًا بدار إسلامٍ وحربٍ).

(يحرُم الربا)، وتحريم الربا ثابت بالكتاب والسُّنَّة وإجماع المسلمين، وهذا من حيث الجملة؛ إذ إن العلماء يختلفون في بعض المسائل اختلافًا كثيرًا، لكن من حيث الجملة الربا محرم بالكتاب والسُّنَّة والإجماع.

أما الكتاب فنصٌّ صريح في قول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>