وأما السُّنَّة فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم أنه لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه (٥)، وهذا يقتضي أن يكون الربا من كبائر الذنوب.
وأما الإجماع فلم يختلف المسلمون في أن الربا محرم وإن اختلفوا في بعض المسائل؛ مثل اختلافهم في علة الربا وهل يتعدى الحكم إلى غير المنصوص عليه أو لا؟ وكما مر علينا فيما سبق أن هناك اختلافًا، لكن في الجملة هم مجمعون على تحريم الربا، كما نقول مثلًا: إن العلماء مجمعون على وجوب الزكاة وإن كانوا يختلفون في بعض الأشياء هل فيها زكاة أو ليس فيها زكاة؟
وقول المؤلف:(يحرُم الربا بين المسلم والحربي) كما يحرم بين المسلمين؛ الحربي مباح الدم والمال بالنسبة لنا، فماله حلال، لو أخذناه قهرًا فهو لنا، لكن عند المعاملة تُجرى المعاملة على ما تقتضيه الشريعة، والربا في الشريعة محرم، والنصوص عامة، فيحرم الربا بين المسلم والحربي، فلو أن إنسانًا وجد حربيًّا ومعه مال وليس بقادر على أخذه منه قهرًا، فقال: أنا أريد أن أشتري منك مئة دينار بخمسين دينارًا؛ فإن ذلك لا يجوز، أو مئة صاع برٍّ جيد بخمسين صاعًا رديئًا مثلًا أو بالعكس فإنه حرام؛ لأنه متى جرى الأمر بصورة العقد وجب أن يطبَّق على ما تقتضيه الشريعة.
(بين المسلم والحربي)، طيب، بين المسلم والذمي من باب أوْلى أن يكون الربا جاريًا؛ لأن مال الذمي محترم.
(وبين المسلمين مطلقًا) يحرم أيضًا الربا بين المسلمين مطلقًا، وهذا الإطلاق فسَّره بقوله:(بدار إسلام وحرب)؛ (بدار إسلام) كالبلاد الإسلامية، ودار (حرب) كالبلاد الحربية إذا دخلها المسلم بأمان وتبايع مع حربي أو مع مسلم فإنه يحرم الربا؛ وذلك لعموم الأدلة.
ومن العلماء من اعتبر الدار وقال: إن الدار إذا كانت دار حرب فلا ربا فيها بين المسلمين وأهل الحرب، ولكن لا دليل على هذا، النصوص عامة، والعقود يجب أن تجرى على ما تقتضيه الشريعة.