يعني صورة القضية أن الفلاح زرع هذه الأرض، زرعها لمالكها، الأرض للمالك والزارع زرع الزرع، فأراد الزارع أن يبيع على صاحب الأرض الزرع قبل اشتداد حبِّهِ، أيجوز هذا أو لا؟ على كلام الفقهاء يجوز؛ لأنه باع الفرع لمالك الأصل.
كذلك في الثمرة، الثمرة للبائع؛ لأنه باع النخلة بعد أن أبَّرها، فالثمرة له، لكن بعد أن تمت الصفقة طلب المشتري من البائع الذي كانت الثمرة له أن يبيع عليه الثمرة، فرغِب أن يبيعها عليه، هل يصحّ أو لا يصحّ؟ على كلام الفقهاء يصح؛ لأنه باع الفرع على مالك الأصل فجاز.
ولهم استدلال في الحديث، قالوا: إذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم أجاز أن يَشترط المشتري الثمرة التي يستحقها البائع؛ لأنه ملك الأصل، فكذلك أيضًا إذا باعها البائع عليه بعد تمام الصفقة فقد باعها على مالك الأصل.
أليس لو أن البائع باع النخلة وفيها ثمر مؤبَّر، واشترط المشتري أن يكون الثمر له، أليس هذا جائزًا؟ بلى بنص الحديث، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم:«إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ»(١٢).
هم يقولون: إذا كان يجوز اشتراط الثمرة التي للبائع لتكون للمشتري، فكذلك إذا باع البائع الثمرة على مشتري الشجرة لتكون الثمرة له. فنقول: لا، هذا ليس بصحيح، ولا يصح القياس؛ لأن اشتراط الثمرة التي للبائع إنما كان في صفقة واحدة، فكانت الثمرة تبعًا، وأما إذا انتهت الصفقة الأولى ثم أراد المتبايعان أن يعقدا صفقة جديدة على الثمرة وهي لم يبدُ صلاحها، فإن ذلك لا يجوز؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى أن تُباع الثمار حتى يبدو صلاحها (٩).
إذن القول الراجح في هذه المسألة: أن الثمرة لا تُباع قبل بدوِّ صلاحها ولا على مالك الأصل، وأن الزرع لا يُباع قبل اشتداد حبِّه ولا على مالك الأصل.
***
يقول:(وإلا إذا باع الرطبة والبقول جَزَّة جَزَّة، فيصح).
(الرطبة) ذكرنا أنها برسيم أو القَتّ؛ لغتان معروفتان.