استثنى العلماء رَحِمَهُم اللَّهُ –الفقهاء- ما إذا باع الثمرة أو الزرع لمالك الأصل، فإنهم يقولون: لا بأس بذلك. مثل: لو أن الثمرة كانت للبائع؛ يعني: باع نخلةً قد أُبِّرت، فالثمر لِمَنْ؟ للبائع، بعد مدة جاء البائع إلى المشتري الذي اشترى النخل، وقال له: أنا لا أريدها، أريد أن أبيعها عليك، فهنا باع ثمرًا قبل بدو صلاحه، لكنه باعه على مالك الأصل، فالفقهاء -رَحِمَهُم اللَّهُ- قالوا: يجوز أن يبيع الثمرة قبل بدو صلاحها على مالك الأصل، وكذلك يجوز أن يبيع الزرع قبل اشتداد حبِّه على مالك الأرض. أصل الزرع هو الأرض، ولكن عموم الحديث يردُّ هذا القول، فإن قال قائل: أليس لو باع النخلة وعليها ثمرة مؤبرة واشترط المشتري أن تكون له، أليس هذا جائزًا؟
بلى، بنص الحديث (٨)، لكن البيع الآن صفقة واحدة، فجاز اشتراط الثمرة تبعًا للأصل؛ لأن الصفقة واحدة، أما بعد أن تتم الصفقة الأولى ثم يأتي البائع الذي كانت الثمرة له فيبيع الثمرة على المشتري فهذا لا يجوز، في ظاهر الحديث، أما الفقهاء فقالوا: إنه يجوز كما لو اشترط الثمرة عند البيع، فإن ذلك صحيح.
الآن فهمنا أنه لا يجوز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، ولا الزرع قبل اشتداد حبها إلا بشرط القطع في الحال، ما معنى شرط القطع في الحال؟ يعني: باع صاحب النخلة ثمرتها قبل أن يبدو صلاحها، لكن قال للمشتري لا تقطعها في الحال، باع صاحب الزرع قبل اشتداد حبه، وقال للمشتري: بشرط أن تحصده الآن، البيع صحيح ولّا غير صحيح؟ هذا صحيح، لكن زدنا نحن شرطًا آخر وهو أن يُنتفع به.
لو أن إنسانًا باع الزرع قبل اشتداد حَبِّه أو الثمرة قبل بدو صلاحها بدون شرط القطع؛ فالبيع غير صحيح، قال الفقهاء: إلا إذا باع ذلك على مالك الأصل فلا بأس، كيف يبيع على مالك الأصل؟